فى هذا المقال : ثمار ممارسة التنفس السنسلى نستعرض معا الفوائد الجليلة التى نحصل عليها من حيث تقدم مستوانا الروحى من جراء ممارسة التنفس السنسلى ( تابع المقالين السابقين فى موضوع التنفس السنسلى للمعلم اليوجانى من هنا ، وهنا .
الوصول لمساحة القلب
أحيانا ونحن نمارس التنفس السنسلى و التأمل العميق الذى يليه قد نجد أنفسنا فى مساحة واسعة داخلنا قد تكون مظلمه أو مليئة بالأنوار . قد لانرى شيئا بشكل محدد لكننا نشعر باتساعنا من الداخل ، قد نسمع أصوات ، مياه تجرى ، جرس يدق ، روائح طيبة ، تذوق عذب قد نشعر بالتأثر الجميل فى هذه المساحة لدرجة البكاء . أيا ما كانت التجربة ، ان هذا المكان معناه الوصول لمساحة القلب .
لابد أن نفهم أن ما أوصلنا لهذه المساحة اللآمحدودة لقلبنا هو الممارسة الدءوبه والمستمرة مرتين فى اليوم للتنفس السنسلي ويعقبه التأمل العميق . ان هذه المشاهدات قطرة من فيض عظيم يمكن أن يصادفنا مع استمرار رحلتنا الروحية يمكن ان يوصلنا للعوالم المجيدة لقلبنا ولتجارب روحية أعظم مما يمكن أن نتخيل.
فتح العين الثالثة
اين تقع العين الثالثة أن العين الروحية أو كما نطلق عليها ” عين البصيرة ” تقع فى نهاية الجزء الأعلى من العصب الشوكى وسوف تستيقظ مع اليقظة التى تحدث للطاقة فى العصب الشوكى .
ماذا يحدث عندما تستيقظ العين الثالثة
تصبح هى صلتنا المركزية بظهور حركة النشوة فى العصب الشوكى المتطهر ، تصبح النقطة الأساسية لتحولنا الروحى الحقيقى .
هل علينا ان نصدق هذا ؟ ربما هو مجرد كلام مكتوب فى كتاب يعبرعن رؤية كاتبه ؟
ليس عليك تصديق هذا لأنك سوف تجربه بنفسك عندما يتطهر وينفتح العصب الشوكى وعندما يكتمل تدفق الطاقة فى الخلايا العصبية .
هل العين الثالثة حقيقة مثل العينان اللتان خلقهما الله ونراهما ؟
العين الثالثة هى عين الأدراك ، ادراك ما لا نراه بحواسنا الخمسة ، هى قناه الحكمة التى تصلنا بالمستويات العميقة للفكر والقلب والكون من حولنا . هذه هى طريقة العين الثالثة فى النظر ، انها تفتح مقدرتنا على رؤية حقيقة الحياه والكون بشكل كبير وتعظم مقدرتنا على الفهم والتصرف الصحيح فى كل مواقف الحياه .
أعراض انفتاح العين الثالثة
قد نشاهد رؤى ، قد نسمع صوت ” أووم ” كطنين فى الرأس وسنشعر بأحاسيس الغبطة العميقة التى لا تصفها الكلمات .
ماذا نفعل اذن ؟ ( أووم لمن لا يعلم هو أول صوت الهى كان فى الكون )
مهما كانت الأعراض عميقة ومؤثرة .. ينبغى الا ننبهر أو نتعلق بها أو نتوقف عندها اعتقادا أننا وصلنا لقمة التفتح الروحى . بل علينا الأستمرار فى التنفس والتأمل كما نحن وأن نظل ثابتين . عندئذ سوف نحصد كل ثمار وفوائد انفتاح العين الثالثة .
رؤية النفق والدائرة والنجمة أحد ظواهر انفتاح العين الثالثة
قد يراها البعض ولكن ليس بالضرورة حدوث هذا مع الجميع .. كما أن عدم الرؤية لا تعنى عدم تقدمنا . انها واحدة من التجارب التى يمر بها الممارس وتتمثل فى :
- قد ترى شكل دائرى واحد باى من ألوان قوس قزح،
- ربما تكون الرؤيا لدائرتين متداخلتين بنفس المركز الخارجية مضيئة والداخلية داكنه .
- أو قد تكون عدة دوائر بنفس المركز بالوان قوس قزح ..الدائرة الخارجية حمراء وصولا الى البرتقالى ، الأصفر ، الأخضر ، الأزرق ويكون اللون البنفسجى الداكن فى الوسط .
- وقد تحدث ومضات ضوء أبيض فى تلك الدوائر .
- أو ظهور نجمه واحدة مستقلة فى مركز الدائرة ( حقل الرؤية ) .
- قد نشاهد نفقا .
ما هذه الرؤى ؟
انها رؤى العين الثالثة من خلال العصب الشوكى . عندما تنتهى الحياه قد نختبر السفر فى مثل هذا النفق وصولا الى الضوء . نحن بهذه الممارسة نقوم بها الآن أثناء حياتنا الأرضية .. لماذا ؟ لكى نجلب المزيد والمزيد من طاقة النور والصفات الربانية الى حياتنا .
نقطة مهمة
مهم أن نفهم ان التجارب تروح وتجىء وتتغير كل يوم . لا يجب ان نعنى بتفاصيل هذه الرؤى ، فالرؤى والمشاهدات ليست هى الممارسة ، ولا هى كافية لأن تصل بنا الى التنور ، بل لابد من الحذر من الأنجذاب للتجارب الروحية على وجه العموم لأن الأستغراق فى الأنجذاب لها يمكن أن يقلل تأثير ممارساتنا الأصلية ( التنفس والتأمل ) .بل قد يفقدنا الطريق .
ان هذا المنهج يحفز قدرتنا كى نصل لكمال انفتاح حواسنا الداخلية التى تعطينا المزيد من الحكمة والفضائل الألهية .. هذا هو الهدف الأساسى .. لا يجب أن ننسى ذلك .
الكائنات العليا والكائنات الدنيا
ونحن نمارس التنفس العميق قبل بداية التنفس السنسلى قد نشاهد كائنات من المستويات المنخفضة . عادة أرواح عادية مثلنا تتسكع لأى سبب . هذا أمر شائع . عند ممارسة براناياما التنفس السنسلى واستمرار تطهير العصب الشوكى صعودا ونزولا مع التنفس العميق البطىء كل هذا يتغير وتخف حدته بشكل كبير . هذه المشاهد سوف تختفى لأننا سوف نتعدى حدود الأختبارات ومظاهر الوساطة الروحية المحدودة الى ما هو أرحب فى وعينا الكونى الكبير .
سوف نبدأ بالأتصال مع كائنات عليا بشكل أقوى بكثير . هذه الكائنات العليا ليست شخصيات دينية مؤثرة أو مخلص عظيم ننتظر أن يأخذنا على عربته الذهبية ..هذه الكائنات العليا موجودة فى داخلنا نحن ، انها جزء من ذاتنا العليا ، اذا قمنا بالممارسة باخلاص سوف يحصل اتصال ضخم بهذه الكائنات .
هل من الضرورى أن يكون لدينا ايمان كى نحصل على هذه النتائج ؟
الأجابة لا .. انها تقنية وعملية ديناميكية تأتى بنتائج مؤكدة للتطهير وانفتاح جهازنا العصبى . ان كل ما بداخلنا سوف ينفتح .. النتائج سوف تتحدث عن نفسها .
مع تقدم الممارسة سوف يقوى حدسنا ، ابداعنا ، طاقتنا وسوف يتعاظم ميلنا لتقديم الخدمة ومساعدة الآخرين . سوف يتدفق الحب الألهى فينا أكثر وأكثر من خلال أنشطة حياتنا اليومية .
أيا ما كانت مذاهبنا أو معتقداتنا الدينية . هذه الممارسة البسيطة المستمرة هى ما سيجلب الفرح الحقيقى لأرواحنا ما سيجعلنا على اتصال بالمقدس فى داخلنا ، سنترك الظلمه وآراءنا المحدودة .. سوف لا نحتاج أبدا لمخلص من الخارج يأخذنا لطريق النور ، سيكون الأمر بالنسبة لنا بمثابة بزوغ فجر جديد .
الشاكرات والكوندالينى
عرفنا من قبل معنى كلمة “ شاكرات ” وهى مراكز الطاقة الأساسية فى جسم الأنسان وهى شاكرا الجذر والسرة والضفيرة الشمسية والقلب والحلق والعين الثالثة ثم شاكرا التاج .
الشاكرات تلعب دورا هاما فى عمل تقنية التنفس السنسلى حيث تعمل أوتوماتيكيا مع العصب الشوكى لفتح مساحتنا الداخلية .. لا يجب أبدا أن نلقى بالا أو ننجذب لهذه المسألة عندما نمر بأن تجربة روحية .. تماما مثل قيادة السيارة .. كل ما علينا هو أن ندوس بنزين ونحرك عجلة القياده وستصل بنا السيارة لوجهتنا .. نفس الشىء فى التنفس السنسلى .. كل ما علينا هو أن نتنفس بعمق وببطء مع تتبع العصب الشوكى نزولا وصعودا من خلال انتباهنا ، وسوف نصل الى غايتنا من دون الولوج فى تعقيدات فكرية لن تفيدنا بشىء .
فى علم اليوجا هناك شىء اسمه ” كوندالينى ” وتعنى الثعبان الملفوف .. الكوندالينى هى مخزن كبير للبرانا ( طاقة الحياه ) وهى موجودة فى أسفل العمود الفقرى . انها الطاقة الجنسية فى الأساس ولحين ايقاظها وتنشيطها فى كل الجهاز العصبى فانها تظل كامنه أو ملفوفة عند منطقة ” العصعص”. شكل الثعبان يدل على قدرة هذه الطاقة الكامنه لأن تصبح نشيطة فتتحرك صعودا فى ممر ضيق فى العمود الفقرى .. هذا هو تفتح مسار الكوندالينى . هذه ثمرة الأيقاظ اللطيف للبرانا فى داخلنا كنتيجة للتنفس السنسلى .
تقنية لكل المذاهب والثقافات
برانايما التنفس السنسلى ينجح مع المؤمنين وغير المؤمنين .. فأيا ما كانت المعتقدات الدينية أو الخلفية الثقافية .. تنجح هذه الممارسة فى ايقاظ طبيعتنا الفطرية الداخلية .. فى ولوجنا لعالم الروح من خلال اتساع مساحتنا الداخلية . المهم أن يظل انتباهنا على ما هو مهم وهو انفتاحنا وتطهرنا الذى ينمو من خلال الممارسة اليومية لبراناياما التنفس السنسلى . يمكن أن تعمل التقنية لتعزيز التقدم الروحى الى جانب ممارسة العبادات التقليدية لأى دين .
لماذا نهاية التنفس عند شاكرا العين الثالثة وليس شاكرا التاج ؟
هذا سؤال قد يتبادر لذهن الكثيرين .. فلماذا لا تنتهى رحلة التنفس عند شاكرا التاج بدلا من شاكرا العين الثالثة ؟
الأجابة هى أن الفتح المبكر لشاكرا التاج ينتج عنه تدفق هائل وغير مستقر للطاقة قد لا يتحمله الجهاز العصبى .. ان أى ممارسة لتنشيط شاكرا التاج نقوم بها قبل الحصول على تطهير مسبق وكاف سوف يؤدى الى تدفقات هائلة وغير مستقرة للطاقة.
لكن لا داعى للقلق فاذا نحن مارسنا التنفس السنسلى مع التأمل العميق بالطريقة الموصوفة سنصل لفتح العين الثالثة التى تملك سمه الأستقرار وتؤمّن انفتاحا سلسلا للجهاز العصبى والسيطرة على العملية الشاملة لايقاظ الطاقة ( البرانا ) فى الجسد . ان كلمة شاكرا العين الثالثة فى اللغة السنسكريتية معناها ” القيادة ” وهذا يفسر دورها فى ضبط انفتاح الطاقة .
كلمة أخيرة
لماذا تركيز ” يوجانى ” على استمرار مشوار التقدم الروحى وليس الأهتمام بالتجارب الروحية ونمو القدرات فوق الحسية . ماذا تعنى كلمة ” تقدم روحى ” وماذا سوف نجنى من الوصول اليها ؟
ان هدف كل تقنيات اليوجا والتامل هو ” معرفة الذات ” .. ما هى الذات ؟ هى ذاتنا العليا التى هى جزء من الذات الألهية .. ان كل هذه الممارسات تسعى الى أن نصل الى معرفة جوهرنا الروحانى الحقيقى وطبيعتنا الألهية المنسية .. وفكرة الصعود الروحى أو التقدم الروحى هى فقط ما يقودنا لطبيعتنا الألهية وكشف الستار عنها ..هى ما يجعلنا نزيح الغبار الكثيف كي نرى الجانب الألهى بداخل ذواتنا البشرية ونعيش من خلاله .. نمتلىء بالحب والتعاطف .. نكون متسامحين .. نخدم ونساعد أخوتنا فى الأنسانية من غير شروط ، نصل بالتدريج للكمال الألهى .
انه طريق طويل ولكنه ليس مستحيلا ، واذا نحن وصلنا لهذه المنطقة .. ماذا سيقف أمامنا ؟ ستتفتح لنا كل القدرات الماورائية التى طالما تمنينا الحصول عليها وسنصنع بأنفسنا كل حقائق وجودنا دون أى عائق لسبب بسيط ..
هو وصولنا للأله بداخلنا .
———————
المصدر :
مقتطفات ملخصة من كتاب التنفس السنسلى للمعلم يوجانى.