مراحل الوعى

0

مراحل الوعى وتطوره هو ما يساعد فى تحقيق تأمل صحيح ، فالتأمل الحقيقى يرتكز على الحقائق والتجربة الروحية وليس على النظريات والمعتقدات الموروثه ، والهدف منه المساعدة فى الأقلال من معاناه الأنسان كفرد والبشر كمجتمعات .

ان كل منا يحمل فى رأسه معتقدات ونظريات وافكار من عقيدته ومجتمعه وموروثاته الثقافية .وبالرغم من هذا الكم الضخم من تلك المعتقدات ، فان الأنسان مازال يعانى ويعانى .

لذلك فان الخطوة الأولى لكى نبدأ مشوار التخلص من المعاناه ، أن نتسلق سلم مراحل الوعى هى أن ننحى كل هذه الأفكار والمعتقدات المسبقه عن أنفسنا والعالم.  

لماذا التحرر من الموروثات 

لنسأل أنفسنا أيهما أفضل أن نؤمن بشىء أو معتقد  فقط باليقين الغيبى دون أن نتمكن من اثباته .

أم أن نخوض تجارب روحيه تدلنا بالتجريب على اثبات الكثير من الحقائق عن ذواتنا والكون .

ان الأنسان فى كل المعتقدات دائما ما يختار الطريق السهل وهو أن يعتقد بالغيب أنه سيحصل على الخلاص و دخول الجنه بمعتقده  دون أن يكون لديه الدليل الحقيقى على ذلك .

ولو كان الدليل موجودا لما تعصب كل ذى معتقد ودين لدينه ومعتقده .

التجربة الروحية أو الايمان الغيبى 

مراحل الوعى
مراحل الوعى فى علم اليوجا هى السوترايانا ، التنانترايانا والماهايانا

لذلك فان المنهج الروحى يدعونا للتعامل مع الحقائق الروحية من خلال تجربتنا الخاصة التى لا يمكن لأحد أن ينكرها .

ومنهج التجريب مثل أى منهج يلزمنا بتنحية النظريات والمعلومات السابقة عن نفس الموضوع لحين رؤيه نتائج التجربة.

هذا أفضل كثيرا من أضاعة العمر كله فى الأيمان الغيبى بدون تجربة التواصل الروحى الحقيقى مع الله .  

ان فهم الحقائق الروحية عن النفس والله والكون تأتى من ” الوعى ” ،  والوعى يعتمد على الفهم .
فمثلا اذا علمنا بالمنطق النظرى أن السكين يجرح ليس كما لو أننا بالفعل جرحنا من السكين .

ان الجرح الحقيقى هو ما يجعل فهمنا واقعيا ومبنيا على الحقائق وليس على أمر تعلمناه ولم نختبره حقيقة.
لذلك من المهم أن نطور وعينا وفهمنا ، ان هذه القدرة موجودة فى داخل كل انسان ، اننا بذرة للأنسان المتطور والتطور هو واجب على كل نفس أن تسعى اليه فى رحلتها الروحية .

فكل انسان باستطاعته أن يكون مثل الأنبياء والمعلمين الروحيين العظماء الذين نحبهم ونجلهم وذلك من خلال مجهوداتنا من أجل تطوير وعينا .

ولنتذكر كلمة السيد المسيح ”  بالصبر سوف تمتلك روحك ” ولم يقل ان لديك روحا .

التأمل رحلة وعى  

ان أساس عملية التأمل هو ” الوعى ” . التأمل ليس لتجنب الحياه الدنيوية أو الحصول على نشوة روحية وأحاسيس علوية .
التأمل هو وضع العقل فى حالة وعى يقظ خال تماما من أى معوقات لصفائه وقدرته على الأستقبال والأدراك والفهم الباطنى من خارج الحواس الخمسة .

تطور مراحل الوعى

ولأن التأمل هو الأرتفاع بمستوى الوعى لدينا فان الوعى يمر بثلاثة مراحل فى التطور :

المرحلة الأولى  

ويطلق عليها Sutrayana  أو Shravakayana وهى اولى مراحل الوعى .

مراحل الوعى
مرحلة سوترايانا وتشمل التأمل وتمارين التنفس

وفيها يتعلم المريد ممارسة الأسترخاء،  وتمارين مراقبة التنفس والتركيز واستخدام المانترا أوالصلاه والتركيز فى رمز أو شكل من أجل الوصول الى حالة سكون العقل.

كما تعمل هذه المرحلة على تطوير الأتزان النفسى والهدوء له ازاء كل مواقف الحياه . فى هذا المستوى أيضا علينا أن نقوم بالالتزام الأخلاقى .

ليس فقط هذا وانما المراقبة الدائمة للأفعال والأفكار وتنحية كل ما يؤثر على اتزان العقل والقلب والروح ويجعلهم فى حالة توتر وبالتالى الشعور بالمعاناه .

هذه المرحلة تهتم بارتقاء السلوك الفردى للمريد وتعليمه التقنيات التى تساعده على تحقيق الصفاء الروحى .

المرحلة الثانية 

 Mahayana ( ماهايانا ) هى المرحلة الثانية من مراحل الوعى وفيها نتقدم قليلا من اصلاح أنفسنا الى أصلاح غيرنا .

اننا نخرج من التركيز فى فى مصلحتنا الى توجيه سلوكنا وأفعالنا من أجل نفع الآخرين .
هنا تبدأ الفضائل فى الظهور حيث يعيش الفرد سلوكيات الأيثار والكرم والحب والصبر وتضعف لدية المصلحة الذاتية .
فى هذه المرحلة يصبح الممارس أكثر تركيزا فى التأمل ويمكنه هنا البدء فى استخدام الخيال وهو ما يعتبر تسخيرا لقوى ثانية للوعى .

مراحل التطور
فى مرحلة ماهايانا يتمكن اليوجى من التركيز أكثر واستخدام الخيال.

اضافة الى أنه عندما يتوحد التركيز مع الخيال يمكننا الدخول الى بوابة الروح هذه البوابة اسمها التأمل .
البوابة التى من خلالها تستطيع الروح أن تقوم بعملية الأستقبال من خارج امكانيات الحواس الخمسة .
هذه البوابة تقودنا لبوابه أخرى تسمى ” الحكمه ” أو البرانيا ” فى اللغة السنسكريتية أو ” حوكما ” فى العبرية .  

والحكمه هى الفضيلة العظيمه التى أعطيت للأنبياء والرسل والمعلمين والحكماء الروحيين أمثال موسى وبوذا وكريشنا ومحمد .

المرحلة الثالثة الأكثر تقدما

وتسمى Tantrayana

هى المرحلة التى يزدهر فيها المريد فى أداء المرحلة الثانية ويتخلى تماما عن حب الذات ومصلحته الشخصية ويعمل من أجل الآخرين.

هذه المستويات الثلاثة لنمو الوعى هى الأساس لتعلم التأمل الصحيح . الأنتقال من ” الأنا” والتمركز حول الذات الى التعاطف مع احتياجات الآخرين يحدث تغييرا جذريا فى وعى الأنسان .

ليس فقط لأنه يساعد فى رفع المعاناه عن الغير وانما لأنه يساعده هو نفسه فى تقليل شعوره بالمعاناه عندما يختبر ويرى معاناه الآخرين التى تكون فى معظم الأوقات أكثر كثيرا من معاناته .

هذا التحول يعتبر نقطة أساسية فى التقدم الروحى الذى يخلقه فكر وفلسفة التأمل .

الوصول  لحالة السمادى : Samadhi

معنى كلمة Samadhi النشوه الروحية وهى الوصول بالوعى لدينا الى درجه عاليه جدا من النقاء لا تشوبه أى شائبة من غضب أو خوف أو شهوة أو طمع أو حسد أو كبرياء .

هى المحطة النهائية وآخر مراحل الوعى وفيها يصل الممارس للاصلاح الكامل والعميق لكل عيوب الذات الظاهرة والباطنية .  

فعندما نتمكن بالفعل من اصلاح عيوب ذواتنا ، تأتينا حالة النشوه الروحية بتلقائية شديدة ودون أى جهد.

ان اختبار حالة ” النشوة الروحية ” ال Samadhi ليس بالأمر المستحيل . ان سلوكياتنا الخاطئة هى فقط ما يمنع وصولنا لهذه الحالة الروحية الراقية.

وكل انسان بامكانه أن يشعر ويعيش هذه النشوه الروحية عندما يعمل على تهذيب أخلاقه التى هى فى الحقيقى منهج عالمى متفق عليه من جميع البشر فالعنف ضار والغضب ضار والأنانية ضارة وهكذا جميع مساوىء الأخلاق .

 الخلاصة  

 من المهم أن تبدأ ممارستنا للتأمل بمراقبة أنفسنا وتصرفاتنا وأفكارنا من أجل اصلاح ذواتنا .هذا هو الأساس الذى يساعد العقل فى أن يصفو وبالتالى تصفو الروح .

 

 

إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.