حضارة الانكا

0

 

حضارة الانكا أو امبراطورية الانكا المسماه أيضا بمملكة الأجزاء الأربعة، هي أكبر أمبراطورية وحضارة سكنت أمريكا قبل اكتشاف كريستوفر كولومبوس لها .

اتخذت مدينة “كوسكو” مركزًا إدرايًا وعسكريًا وسياسيًا لها وهى مدينة مليئة بالمعابد تقع فى جبال الأنديزحيث بزغت هذه الحضارة في أوائل القرن الثالث عشر، ثم تعرضت للغزو من الأسبان في عام 1532 و سقطت آخر معاقلها في عام 1572.

حضارة الانكا
تعد حضارة الانكا من أقدم الحضارات فى التاريخ

تاريخ الإنكا

تعد حضارة الإنكا آخر فصول حضارة الأنديز بأمريكا الجنوبية التي امتدت لآلاف السنين وكانت ضمن خمسة حضارات أصيلة في العالم لم تنحدر من حضارة آخرى، وكان منشأ شعب امبراطورية الإنكا قبيلة تعيش على الرعي في منطقة كوسكو في القرن الثاني عشر الميلادي تدعي قبيلة ” باستورال” .

تمكنت إمبراطورية الإنكا من التوسع بشكل كبير ما بين عامي 1438 – 1533 وكان هذا التوسع سلميًا أحيانًا وعن طريق الغزو أحيانًا آخرى، لتضم إليها بيرو وغرب الإكوادور، ومناطق واسعة من بوليفيا وتشيلي، وشمال غرب الأرجنتين، والأطراف الجنوبية الغربية لكولومبيا، وكانت اللغة الرسمية لها هي ” الكيشوا” .

إدارة الدولة

وتعد هذه الإمبراطورية ذات طابع  حضاري فريد  فعلى الرغم من أنهم لم يستخدموا العجلة ولا الفولاذ ولا حيوانات الجرّ في تسيير معاشهم ، إلا أنهم تمكنوا من بناء أبنية ذات طابع معماري مدهش وكانت لديهم شبكة طرق ضخمة  تربط بين أجزاء الإمبراطورية المترامية الأطراف، كما اشتهرت حضارة الإنكا بصناعة المنسوجات، واستخدموا نوعًا خاصًا منها للمكاتبات والسجلات، وكان لهم ابتكارات عديدة في مجال الزراعة والتنظيم والإدارة.

لم تعتمد حضارة الانكا على التعامل بالعملات، وكانت التجارة تتم عبر تبادل السلع، وكذلك تأدية الخدمات يتم  بنظام التعامل بالمثل، وكانت الضرائب يتم تحصيلها بتقديم الفرد خدمة للإمبراطورية. وكان يتوفر للجميع الطعام والشراب وخاصة في الأعياد والاحتفالات.

كانت المهنة الأساسية في المجتمع الإنكي هي الزراعة، حيث كانت كل أسرة “إيلو” تقوم بزراعة قطعة من الأرض تحت إشراف أحد النبلاء “كوراكاس”. وزرع الإنكيون الكينوا والفاكهة والخضر واستخدموا الذرة والفلفل الحار ، وكان ترتيب الحكومة هرمي يبدأ من الملك ويتفرع إلى من هو أسفل منه، وكانوا يفضّلون الذكور في المناصب الإدارية وإن كان للنساء شأن كبير عند الإنكا أيضًا.

لم يكن كل الأبناء يحذون حذو الأهل في ممارسة الزراعة، إذ كان منهم من ينضم إلى سلك الكهنوت، أو يمارس صناعة البيرة أوغيرها، وكانت النساء يعتنين بالمنازل ويطهين الطعام ويشكرن الألهة على ما منحتهن من غذاء، وكان الإنكيون يمارسون الأنشطة الترفيهية من رياضة وغناء وينظمون السباقات ويروون القصص والروايات.

العبادة

كان لشعب الإنكا الكثير من العبادات المحلية أهمها عبادة هوكاس Huacas وكانت القيادات تشجع دائما عبادة الشمس (الإله لانتي) وكان الشعب فى حضارة الانكا يعتبرون ملكهم إبن الشمس (سابا إنكا).

ومن ضمن ألهة الإنكا كان الإله “باتشاكاماك” وهو الخالق الأعظم، والذي يمنحهم الثمار ويوفّر لهم مواسم حصاد وافرة، ولذا كانوا يعملون على إرضاءه بتقديم القرابين إليه ، ومن ضمن ذلك القرابين البشرية من رجال ونساء وأطفال.

كانت الأماكن المقدسة لديهم هي قمم الجبال والتلال وما يجري بجوارها من مجاري مائية. ولقد شيد الإنكا الكثير من المعابد لتمجيد ألهتهم وكانوا يؤمنون أن إشارات الآلهة، ورسائلهم إليهم يجب التعرف عليها وفهمها من خلال وسيط روحاني من الشامانات .

معتقد العوالم الثلاثة 

كانت الديانات التي اعتنقها الإنكا تعتقد في وجود عوالم ثلاثة هي:

  • العالم السفلي (أوكو باتشا) وهو الذي يخضع لإشراف إله الموت “سوباي”.
  • العالم الأوسط (كاي باتشا) وهو الموطن الطبيعي للأحياء من إنسان وحيوان ونبات.
  • العالم العلوي (هانان باتشا) وهي أرض الشمس وموطن إله الشمس “إنتي” وإلهة القمر “كويلا” أخت إله الشمس، وتعرف أيضًا باسم الأم كويلا.

وقد آمن هؤلاء بمفهوم الآخرة والحساب والجنّة والنار، من قبل أن تصل إليهم المسيحية، وكانت القاعدة الدينية الأساسية لديهم “لا تسرق، لا تكذب، لا تكن كسولًا .

فإذا ما كان الإنكي مؤمنًا والتزم بالقاعدة الأساسية فإنه عندما يموت يذهب للعالم العلوي أو أرض الشمس ويستمتع بالنور والدفء والغذاء ويقترب من الألهة، أما إذا خالف العهد  فسيذهب بعد موته إلى العالم السفلي حيث الوحشة والبرودة والظلام الدائم.

وفي بعض الحالات ينال الإنسان فرصته الثانية فيعود مرة آخرى للحياة إذا لم يحسم أمره بحيث لم يتم توجيهه للعالم العلوي أو السفلي، ولذلك مارس الإنكيون التحنيط وكانوا يتركون للمتوفي احتياجاته في قبره لعله يعود، وكانوا يتركون الميت في قبره جالسًا بعكس غيرهم من الشعوب التي مارست التحنيط حيث يكون الجسد مسجى . ولم يترك الإنكيون أي كتابات خلفهم يمكن منها فهم أسباب القيام بهذه الممارسة فهم لم يتقنوا فنون الكتابة.

الحياة العائلية فى حضارة الانكا 

كان شعب الإنكا يعيش فى أسر مترابطة، وكانت العائلة  تضم الأعمام والأخوال والعمّات والخالات وأبناءهم وكانوا معروفين بارتباطهم القوي ببعضهم البعض ويتعاملون مع جيرانهم بمودّة ومحبّة، وكان لديهم أخلاقيات عالية فهم يحرّمون السرقة والكذب، ويكرهون الكسل.

التقاليد الخاصة بالطفولة والبلوغ والزواج

عانى شعب الإنكا من معدلات وفيات عالية بين الأطفال الصغار والرضّع، ولذلك كانوا لا ينتظرون بلوغ الطفل كى يقيموا  له حفل البلوغ بل يفعلون ذلك في سن الثالثة، وكانت الأسرة تُدعى للحفل، ويقوم الأب بحلق شعر الطفل ويعطي الحضور بعضا من شعره ويتناول الجميع الطعام ويحتفلون ويغنون فرحًا بالطفل الصغيرويعتبرون أن هذا السن هو البداية التى سيفتح فيها الباب أمامه لاكتساب المعارف والخبرات ويدعونه سن “الجهل”.

الاحتفال التالي للإنكي يكون عند بلوغ سن الرشد، وهو ما يعني أن الطفل أصبح ناضجا جنسيًا، وكان الاحتفال بالولد يعرف باسم “واراتشيكوي” وبالبنت “كيكوتشيكوي” وكان الطفل المحتفل به يصوم ويرقص ويظهر قوته ويُهدى الملابس الجديدة، ويتعلّم كيف يتصرّف مثل الرجال. أما الفتاة فكانت تذهب إلى الغابة وحيدة عندما تأتيها دورتها الشهرية وتعود بعد توقّف النزيف، وكانت تصوم في الغابة، وبعد عودتها يتم منحها إسمًا جديدًا، وتهدى ملابس البالغين، وتُنصح بكيفية التعامل كفتاة ناضجة.

ويبلغ الإنكي مرحلة النضج الكامل والاستقلالية بعد الزواج، وعندما يتقدم العمر به ويصل لما بعد سن التسعين عاما يبدأ فى مرحلة الشيخوخة وما يصاحبها من بعض التدهور فيما يتعلق بقدراته وصحتّه العقلية وقد يعاني من مشكلات صحية أيضا .  

الزواج

كان الرجال يتزوجون عادة في سن العشرين بينما تتزوج الفتيات في سن السادسة عشر، وكان الرجال الأغنياء وأصحاب السلطة يمكنهم الزواج أكثر من مرّة، بينما يكون ذلك غير متاح للرُتب الأدني حيث لا يجب أن يتزوج غير زوجة واحدة.

وكان للنساء الكثير من المهام في الحضارة الإنكية فهن يجمعن الطعام ويقمن بالواجبات المنزلية ورعاية الأطفال وينظمن المكان حول المنزل، إضافة إلى الصلاة وتقديم القرابين إلى كانوبا “إله الحمل” وهناك فترة تجريبية للزواج إذا شعر الزوج أو الزوجة فيها أنهما غير راغبين في الاستمرار معًا كان بامكانهما الأنفصال  شرط أن لا يكون لديهما أطفال. وكان الزواج أمر حتمي لدى الإنكا فحياتهم كانت تتمحورحول التوازن ما بين واجبات الرجال والنساء.

جيش حضارة الأنكا وتوسعاتهم

كان لجيش الإنكا نظامًا عشريًا في القيادة، فكل فرقة تتكون من عشرة جنود يرأسهم ضابط  يسمّى “تشونكا كامايوك” بينما القوة التي قوامها مائة جندي كان قائدها يدعى “باتشاكا كوراكا” والقوة التي قوامها ألف جندي يقودها “وارنكا كوراكا” أما قائد الجيش المكون من عشرة الآف جندي فيسمى “هونوكوراكا”. ويتحكم الملك في كل هذه الجيوش.

وكان التجنيد إجباريًا في حضارة الإنكا، حيث كان الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 25 – 55 يطلبون للخدمة في أي وقت، سواء كانوا من الإنكيين الأصليين أو من الشعوب التي قهرتها الإنكا، وكان يجب على المطلوب أن يلبّي الأمر، ويحضر معه زوجته وأطفاله الذين لم يبلغوا سن الخدمة العسكرية للخدمة داخل المعسكر حيث يعملون كسعاة ومساعدين.

سقوط حضارة  الإنكا

بعد الغزو الإسباني بقيادة فرانسيسكو بيزارو عام 1533 سقطت حضارة الإنكا، وكانت قبل وصول الأسبان في حالة من التراجع والانحدار، فلقد بنت إمبراطورية الإنكا حضارتها على حساب الشعوب المجاورة التي لم تكن مرحّبة بوجود الإنكيين وقبلت بوجودهم على مضض، ولقد لمس بيزارو هذه الحالة واستغلها لصالحه، وصار يحرّض الشعوب المستعمرة على مقاومة الإنكيين واشتعلت الثورات في أنحاء الإمبراطورية، وانتشرت الأمراض بين السكان الأصليين، وخاصة الجدري الذي جلبه معه المستعمر الأوروبي، وتسبب في اندثار  ما يناهز  90% من السكان الأصليين، ما أدى إلى انهيار إمبراطورية الإنكا.

المصادر

https://en.wikipedia.org/wiki/Inca_Empire#Origin

https://www.worldhistory.org/trans/ar/2-1506/

إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.