حضارة الأزتيك هي شعوب سكنت منطقة أمريكا الوسطي في الفترة ما بين عامي 1300 – 1521 وهي شعوب تكونت من مجموعات عرقية مختلفة، وكانت اللغة الرئيسية لها هي “الناوتال” والتي كانت الأوسع انتشارًا في أمريكا الوسطى منذ القرن الرابع عشر وحتى القرن السادس عشر. كانت إمبراطورية الأزتك عبارة عن تحالف فيدرالي لثلاثة دول هي ميكسيكا، وتكسكوكو، وتلاكوبان. ولقد كانت سمات شعوب الأزتك الحضارية شبيهة بتلك التي سادت في أمريكا الوسطى، وكانوا يعيشون على زراعة الذرة، ولديهم تقسيمات طبقية ما بين عامة ونبلاء.
المعتقدات والجوانب الروحية فى حضارة الأزتيك
كانت ألهة الأزتيك ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالزراعة، فبتقديم القرابين لهم تكون مواسم الحصاد وافرة، وهو ما يستوجب منهم الشكر على هذه النعم.
آلهة الأزتيك
كان الإله “تلالوك Tlaloc” إله المطر والعواصف المعبود الرئيسي لشعب الأزتيك ، والإله “هوتزيلوبوتشتلي Huitzilopochtli” هو إله الشمس وإله الحرب لقبيلة ميكسيكا.
والإله “كوتزالكوتال Quetzalcoatl” إله الريح والسماء والنجوم، والبطل الشعبي، أما “تيزكاتليبوكا Tezcatlipoca” فكان إله السحر والليل والقدر والنبوءات.
وكان المعبد الرئيسي للأزتك موجودًا في “تينوختيتلان” يضم مزارين الأول للإله تلالوك والثاني للإله هوتزيلوبوتشتلي، وكان هناك الكثيرمن المعابد الصغيره الأخرى تنتشر في مختلف أنحاء الأمبرطورية.
وبالإضافة إلى الألهة المذكورة كان هناك أيضًا “كوتليكو ” أو إلهة الأرض الأنثوية، وكان هناك الإلهان الزوجان “توناكاتيكوتيلي وتوناكاتيكوتل” وهما يرتبطان بالحياة والعيش، وكذلك الزوجان “ميكتلانتيكوتلي وميكتلانكوتل” وهما من ألهة الموت والعالم السفلي.
اله لكل مهمه
عرفت حضارة الأزتيك إلهة البحيرات والينابيع الأنثى وكانت “كالكوتليكو” ، وإلهة الخصوبة والدورة الطبيعية للحياة فكانت تدعى “زيب توتك” وإله النار “زيوهتيكوتلي” وإلهة الجنس ، والولادة الأنثى فكانت “تلازولتيوتل” وإلهة الغناء واللعب والرقص “زوكاكوتزال” والإله “أوميتيوتل” إله الأزدواجية ما بين الحياة والموت، وهو ذكر وأنثى في آن واحد. وبالإضافة إلى كل هؤلاء، كان يوجد ألهة محليّة كثيرة.
ولقد كان لكل إله من الألهة المذكورة أسطورته التي جعلت منه إلهًا والتي لا تخلو من البطولة، وعلى سبيل المثال كان هناك أربعة ألهة لكل منهم شمس مختلفة يتبع لها شعب من الشعوب، وكان إله الريح خصمًا لدودًا لإله الليل والسحر، وكان كلٌ منهما يدمّر ما يبدعه الآخر، ولم ينته الصراع بينهما إلا بعد أن ضحّى أحد الآلهة الصغيرة بنفسه لتنشأ الشمس الخامسة التي هي شمسنا الحالية، ولم تبدأ الشمس الخامسة في الدوران وتنشر الحياة إلا بعد أن وهبها الآلهة الأربعة الآخرين طاقتهم وقوتهم وضحّوا من أجل إيجاد العالم الجديد.
التقويمات فى حضارة الأزتيك
كان لشعب الأزتيك تقويمين أحدهما خاص بالطقس ومدته 260 يومًا، والثاني خاص بالشمس ومدته 365 يومًا، وكان لكل يوم إسم ورقم في التقويمين، وتم الجمع بين التقويمين في فترة امتدت 52 عامًا، وكان الشهر عبارة عن 20 يومًا، وكانت الدورة السنوية متعلّقة بالألهة والعبادات بشكل مباشر، وكذلك بالدورة الزراعية، وكانوا يقيمون المهرجانات التعبديّة التي كانت تشتمل على الرقص والولائم ويعيدون تمثيل الأساطير المتعلّقة بالألهة، ويقدمون الذبائح والقرابين التي كانت تشتمل على الحيوانات والبشر في بعض الأحيان، وكانوا أيضًا يمارسون بعد الطقوس المنزلية، ويجتمعون في المعابد الرئيسية لأداء العبادات.
طقس احتفالية النار
كان للأزتيك طقسًا متميّزًا كل 52 عام، حيث كان يصل التقويمان الخاصان بهم إلى نقطة بداية مشتركة، فكانوا يقيمون احتفالية كبيرة تدعى “حفل النار Xiuhmolpilli” يقومون فيها بكسر الفخارالقديم في جميع المنازل، وتطفأ النار في كل المنازل، ثم يتم إشعال نار جديدة، وفي هذه الليلة المظلمة يخاف الناس من أن تهبط شياطين النجوم على المنازل المظلمة التي لا نار فيها فتلتهم الأرض وتنهي بذلك زمن الشمس الخامسة.
القرابين البشرية
لقد كانت فكرة التضحية متأصلّة في ثقافة حضارة الأزتيك، فعلى الآلهة والبشر التضحية لتستمر الحياة، فلقد كانوا يعتقدون أن استمرار وجود الشمس الخامسة هو مسؤوليتهم وأنها تحتاج للإحياء بشكل مستمر، وكذلك هم في حاجة لإخصاب الأرض بالقرابين، وكانت الأضحيات تشمل البشر والحيوانات بحسب الإله الذي يسعون لإرضاءه، وكذلك الاحتفال الذي يمارسونه.
وفي بعض الحالات كان الكهنة يشوهون أنفسهم ويسيلون دماءهم في طقوس تعبدّية من أجل هذا الغرض، وتضمنت بعض الطقوس التعبدية أكل لحوم البشر، حيث كانت الأسر تأكل أجزاء من لحم المضحى به من المنتمين إليهم، ولم يُعرف مدى انتشار هذه الممارسات بين شعوب الأزتك.
التضحية العظيمه لتكريس هرم ” نينوختيتلان ”
وعلى الرغم من انتشار ممارسة التضحية بالبشر في أمريكا الوسطى بشكل عام، إلا أن الأزتيك على وجه الخصوص قد ذهبوا بهذه الممارسات إلى أبعد حد وعلى سبيل المثال تم التضحية بحوالي 80400 سجين في أربعة أيام لإعادة تكريس الهرم الأكبر الموجود في “تينوختيتلان” في عام 1487، وتشير بعض التقديرات أن هذا العدد مبالغ فيه وتقترح أن المضحى بهم كانوا لا يزيدون عن 20 ألف شخص سنويًا.
واختلف المؤرخون في الأسباب الحقيقية وراء هذا العدد الكبير من الأضاحي البشرية في حضارة الأزتيك، وأرجعه البعض إلى نقص البروتين في غذائهم اليومي حيث كانوا يعتمدون على الذرة، ويحتاجون إلى الأحماض الأمينية الرئيسية فلا يجدون غير اللحوم البشرية لتلبية هذه الحاجة، بينما أرجعه البعض الآخر إلى محاولة الأزتك لفرض سيطرتهم وتطويع المنشقين وتخويف المعترضين على سلطاتهم حيث كان يتم التضحية بالمتمردين.
ثقافة الأزتيك
حجر التقويم
تركت حضارة الأزتيك الكثير من الأعمال الفنيّة من شعر ونحت وموسيقى فقد كان الفن جزءا أصيلا من ثقافتهم، وكان أغلبه متعلقًا بألهتهم، وكان النبلاء الأزتيك يرتدون القلادات والجواهر والريش ليتميزون عن العامة، ولقد كانوا يهتمون بالرموز والاستعارات، فكانوا يرمزون لإله الشمس بالطائر الطنّان، ويشبهون المحاربين بالنسور.
ولقد كانت لهذه الاستعارات والرموز تواجد حاضر في أشعارهم التي دارت أغلبها حول الألهة والأساطير المتعلقة بها، بينما دار بعضها حول الحياة اليومية لهم وكانوا يسمّون الشعر المنظوم “زهرة وغناء”. وكانت أشعارهم تتناقل من جيل إلى جيل مشافهة دون أن تسجّل بالكتابة.
تدوين الأشعار
ولم يبدأوا في كتابة أشعارهم إلا بعد وصول الأسبان إليهم، حيث تم جمع أكبر عدد من قصائد الأزتيك في القرن السادس عشر، ومن أهم الكتب التي جُمعت فيها هذه القصائد “رومانسيات لوردات أسبانيا الجديدة Romances de los señores de la Nueva España” و “أغاني مكسيكية Cantares Mexicanos”.
وكان الأزتيك يعزفون على العديد من الآلات الموسيقية، و يستخدمون المقطوعات الموسيقية والانشاد للدعاء للالهة بما يريدون كالمطر أو الحصاد الوفير.
فنون النحت
ولقد كان الأزتيك محترفين في فن النحت وكانوا ينحتون التماثيل من مختلف الأحجام والأشكال لألهتهم، ويتركونها في الأماكن العامة وفي المعابد، وكانت تماثيلهم لها سمات متشابهة، حيث كان الرجل عادة يجلس القرفصاء بينما المرأة تكون راكعة وتضع اليدين على الركبتين، وكانوا يرسمون ملامح متشابهة للوجه ويضيفون السمات المميزة لكل إله لتمييزه عن الآخر.
وكان لأعمال الفخّار في حضارة الأزتيك شأنًا كبيرًا حيث كانت تتميز بجمالها الفريد ومازالت تباع إلى يومنا هذا باعتبارها من المنحوتات الرائعة التي تلقى إقبالًا كبيرًا، ولقد تركوا كافة أشكال وأحجام الأواني الفخارية التي يمكن استخدامها في مختلف الأغراض.
ومن الخامات التي أتقن الأزتك العمل بها “الريش” فلقد قام هؤلاء بعمل منسوجات من الريش بألوان زاهية مثل العباءات وأغطية الرأس، وكانت مخصصة فقط للنبلاء، واستخدموا أيصًا المعادن النفيسة في صنع المجوهرات مثل الذهب والفضة إضافة إلى الأحجار الكريمة، ومن أشهر منحوتات الأزتيك ما يعرف باسم “حجر التقويم” الذي يزن حوالي 24 طنًا.
انهيار إمبراطورية الأزتك
بعد الغزو الاسباني ووصول المستعمر الأوروبي إلى المكسيك، فارق الكثير من شعوب الأزتيك الحياة نتيجة إصابتهم بالأمراض الفيروسية التي حملها لهم هؤلاء ولم يكن لديهم مناعة ضدها أو يمكنهم مقاومتها، وفي الفترة ما بين عامي 1520 – 1521 اجتاح مرض الجدري “تينوختيتلان” وكان العنصر الأكثر حسمًا في سقوط المدينة، وبعدها انتشرت أوبئة مختلفة في المدينة التي كان يسكنها أعداد تتراوح بين 18 – 30 مليون بحسب تقديرات المؤرّخين، ما يعني أن الأعداد قد انخفضت بعد وصول الاستعمار بمعدل 50 – 90%.
وبعدد سقوط إمبراطورية الأزتيك حافظ بعض أفراد النخبة على مكانتهم، ومنهم أسرة “موكتيزوما” التي تزوج أحد أفرادها من سيدة أرستقراطية اسبانية وحافظ على لقبه، فقد كان المستعمر يستخدم هؤلاء كوسيط بينه وبين الشعوب المحتلّة بشرط اعتناقهم للمسيحية وإدانتهم بالولاء للتاج الإسباني.
الإرث الحضاري
تهتم الحكومة المكسيكية إلى يومنا هذا بعرض الآثار الخاصة بحضارة الأزتيك في المتاحف، والتنقيب عنها، وتستخدم اللغة الخاصة بالأزتك لتسمية الأماكن وهي تروّج للرموز والأساطير المكسيكية القديمة، ويتم تقديم صورة الأزتك اليوم كحضارة أصيلة تنافس الحضارات الأوروبية وترتقي عليها.
وأصبحت حضارة الأزتيك المحور الرئيسي الذي بنت عليه المكسيك هويتها بعد نيلها الاستقلال في عام 1821 حيث حاول هؤلاء دحض الكثير من الافتراءات التي أشاعها المستعمر الأوروبي عن حضارتهم، وتقديم صورة أفضل لتاريخهم، وقاموا بالكشف عن الكثير من الآثار الهامة مثل حجر التقويم وتمثال كواتليكيو.
————————————
المصادر