حضارة المايا

0

 

أهم الحضارت القديمة

تعد حضارة المايا أحد أهم حضارات أمريكا الوسطى وأكثرها تطورًا، وتميزت بإنجازاتها العلمية والعملية الهامة في مجالات العمارة والرياضيات والفلك والفنون.

واذ نتحدث عن منطقة أمريكا الجنوبية قديما ، فيرجع تاريخ نشأة هذه الحضارة الى جنوب شرق المكسيك .

حيث ضمت كلٍ من جواتيمالا وبليز ومناطق من هندوراس والسلفادور .

كما اشتملت على مرتفعات سييرا مادري والمنخفضات الشمالية لشبه جزيرة يوكاتان، بالإضافة إلى ولاية تشياباس المكسيكية ومناطق من السهل الساحلي للمحيط الهادئ.

ويضم لفظ “المايا” مجموعة من الشعوب المختلفة يطلق عليهم أيضًا إسم “الكيشي” أو “يوكاتيك”.
وهم متواجدون للآن في نفس الأماكن، ويبلغ عددهم حوالي 6 مليون شخص، يتحدثون ما يناهز 28 لغة من لغات أسلافهم.

حضارة المايا
شعب المايا

ومن الجدير بالذكر أن تاريخ حضارة المايا يعود إلى أكثر من ألفي عام قبل الميلاد.
حيث نشأت على هذه الأرض المجتمعات المتطورة التي امتهنت الزراعة وقد عاشت على الذرة والفاصوليا والقرع والفلفل الحار.

وبحلول عام 500 قبل الميلاد كانت هذه البلاد تشهد تطورًا كبيرًا في فنون العمارة وبنت المعابد الفارهة، بواجهتها الجصّية الرائعة.

وكانت تستخدم الكتابة بلغة شبيهة بالهيلوغريفية، وفي عام 1697 سقطت آخر معاقل المايا “نوخبيتين” على يد المستعمر الإسباني، بعد سلسلة طويلة من المعارك.

مساهمات حضارة المايا في التطور البشري

كانت حضارة المايا من الحضارات المتطورة التي قدمت الكثير من الأعمال الهامة والاخترعات المفيدة التي ساهمت في تطور البشر.

ومن ذلك اختراع المطّاط والشيكولاتة، والرقم “صفر” ولكم أثارت أهراماتهم الغريبة وتطورهم المذهل في علم الفلك وفي الرياضيات اهتمام العلماء والمغامرين.

ونشير هنا الى بعض اسهامات حضارة المايا فيما يتعلق بالعديد من الاختراعات الهامة التى خدمت الانسانية ونذكرمنها ما يلي:

الرقم صفر

لابد من الاشارة هنا أيضا الى واحد من أهم كشوفات حضارة المايا . لقد كانت شعوب العالم القديم على دراية بالمفهوم الحسابي للاشئ.
ولكن الصفر كقيمة حسابية ورياضية لم يظهر في العالم الحديث سوى في عام 628 ميلادية على يد “براهماجوبتا العظيم” الهندي الأص.

انما في حقيقة الأمر فإن المايا تمكنوا من التوصّل لهذا المفهوم قبل الهند بحوالي قرن من الزمان، على الرغم من العزلة الجغرافية التي فُرضت على شعوب المايا وانفصالهم عن العالم القديم.

لذلك يعتبر التعرف على مفهوم الرقم صفرمن أهم الكشوفات الرياضية فى حضارة المايا.
لاسيما وأن غياب الرقم صفر كان يقف عائقًا أمام تطوّر الكثير من العلوم مثل التفاضل والتكامل وكان لازما لاتمام بعض العمليات الحسابية والمعادلات المعقّدة.

ايضا يمثل الرقم صفرعنصرًا حاسمًا في صناعة الكمبيوتر، ولقد استخدمه السومريون فى نظامهم الرقمى بشكل خاص. فأصبح الصفر يعبرعن الأعداد المختلفة كما يبدو فى الشكل أدناه :

اختراع المطاط وابتكار الكرة

تمكنت شعوب المايا من مزج المطاط الطبيعي مع مكونات نباتية آخرى لصنع خامات فائقة المرونة .

ومن الأشياء التي صنعت بهذا المزيج الكرات المطاطية النطاطة التي استخدمت في اللعب وأنشئت لها ملاعب خاصة.
وكانت هذه الملاعب ملحقة بأماكن العبادة والمحاكم، وكان يثّبت فيها حلقة شبيهة بتلك التي توضع في ملاعب كرة السلّة.
ولقد أطلقوا على هذه اللعبة إسم “بوك إيه توك Pok-A-Tok” وكانت تحتوي على قوانين تجمع ما بين كرة القدم وكرة السلّة ويتم إحراز الهدف بتمرير الكرة من طوق حجري.

واستخدمت هذه اللعبة للترفيه، ولإظهار الولاء الديني، ولتصفية النزاعات أيضًا، ولكن كان للخسارة ثمنًا فادحًا فقد كان الفريق الخاسر يقدّم كأضحية بشرية للألهة.

اختراع الشيكولاتة

تمكن المايا من ابتكار مشروب يصنع من حبوب الكاكاو المطحونة، ولقد كانت هذه الحبوب غالية الثمن وتستخدم كعملة في بعض الأحيان.

صنع شعب المايا من حبوب الكاكاو منتجات متنوعه وخلطوها بالذرة وبالفلفل الحار، واعتقدوا أن الشيكولاتة هي طعام الألهة، ورسموا الهتهم وهي تشرب الكاكاو.

ولما كان هذا المشروب هو المحبب لهم فقد كانوا يقدمونه خلال الاحتفالات الدينية وحفلات الزواج، على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية.

اللغة والكتابة والتدوين

تميزت حضارة المايا عن ما حولها من حضارات آخرى باختراع نظام كتابة ولغة متقدمة، ولقد استخدموا الحروف المرسومة كما هو الحال في مصر القديمة.
وكانت لغتهم تضم ما يناهز 700 حرفًا، ومازال أحفادهم يفهمون لغتهم بنسبة 80% تقريبًا إلى يومنا هذا.

ولقد سجل شعب المايا يومياته ومآثر الألهة، وسجّل تاريخه وإنجازاته، والأحداث البارزة في تاريخه، ومازالت كتاباتهم موجودة على الأعمدة الآثرية والجدران والألواح الحجرية.

وكانت كتبهم تدوّن على رقائق من لحاء الأشجار تطوى مثل مروحة اليد، واندثر معظم كتبهم لسوء الحظ بسبب الغزاة.

حضارة المابا
الحروف المرسومة فى لغة شعب المايا تضم 700 حرف

 

فنون المايا

استخدم فنان المايا الكثير من الخامات مثل الخشب والفخّار والجصّ واليشم.

وكان مغرما بالأعمال الخشبية، وقام الفنانون بالنحت على الحجر ونفذوا أعمالًا رائعة وخالدة.

كما استخدموا السيراميك والمنسوجات وغيرها من الخامات، ولكنهم لم يستخدموا المعادن النفيسة مثل الذهب والفضّة لندرتها في أماكن تواجدهم.

طب المايا

حقق المايا في علوم الطب تقدمًا مذهلًأ وقد كان الطب مرتبطًا بالعلم والممارسات الدينية وكان الكهنة هم أغلب من يمارسونه، وكانوا يتلقون تدريبات مكثّفة لهذا الغرض.

واعتبر المايا أن الصحّة تعني تحقيق التوازن، وأن المرض هو نتيجة لاختلال التوازن، وأته على الإنسان أن يكون متوازنًا في تناول الغذاء وفي ممارسة الجنس، وأن يعيش نمط حياة متناسق مع مرحلته العمرية.

ولقد كانوا يعرفون الخياطة الجراحية ويستخدمون الشعر البشري لهذا الغرض، وتمكنوا من عمل قوالب لتسريع شفاء الكسور.

الى جانب ذلك ، فقد عرفوا طب الأسنان، وقاموا بحشو الضروس باستخدام مادة البيريت الحديدي، ولقد صنعوا الأطراف الصناعية من اليشم والفيروز.

ولعل من مظاهر تطورهم فى هذا المجال استخدامهم حجر “السج Obsidian” فى جراحاتهم . ويعدّ هذا الحجر هو الأكثر حدّة ويسبب أقل ضرر ممكن للأنسجة ويساهم في التسريع بالشفاء.

ومازال بعض أطباء التجميل يستخدمونه إلى يومنا هذا. ولقد استخدم المايا أكثر من 1500 نبتة علاجية وعالجوا مجموعة كبيرة من الأمراض بكفاءة عالية.

حضارة المايا
الطبوالعلاج فى حضارة المايا

الزراعة

لقد كان المايا مزارعين بارعين على الرغم من طبيعة أرضهم القاسية، وقاموا بزراعة الفاصوليا والكوسة والذرة، والكسافا ، وهو نبات جذري غني بالكربوهيدرات .

وقد طوروا تقنيات مذهلة مكنتهم من الزراعة في المرتفعات وفي توفير المياه وحولوا المناطق الجبلية إلى مساحات مزروعة تنتج المحاصيل الهامة.

تقويم المايا

لقد نال هذا التقويم شهرة عالمية في هذا العصر بسبب أنه قد تنبّأ بنهاية العالم في عام 2012 ولقد كان تقويمًا متقدمًا سجّل دورات الزمن المتكررة تبعًا لحركة الأجرام السماوية.

وقد اشتمل هذا التقويم على ثلاثة أقسام:

  • العد الطويل
  • التقويم الإلهي
  • التقويم المدني
حضارة المايا
تقويم المايا

وكانت الوحدات الزمنية في هذا التقويم مقسّمة كالتالي:

  • الأرقام كين Kin ويساوي الرقم يوم واحد وترقيمها من 0 – 19
  • أرقام يونال Uinal والرقم فيها يساوي 20 يوم وهي مرقمة من 0 – 17
  • أرقام تون Tun: وتساوي 18 يونال أي 365 يوم “سنة شمسية”
  • أرقام كاتون Katun: وتساوي 360 يوم وكانت مرقمة من 0 – 19
  • أرقام البكتون Baktun: وتساوي 400 تون أي 144 ألف يوم وكانت مرقمة من 1 – 13
  • أما العد الطويل (الدورة الكبرى) فكان يحتوي على 13 باكتون في الدورة أي 5125.36 سنة

علم الفلك

لقد كان للمايا قوة ملاحظة فائقة وتمكنّوا من تحديد معلومات فلكية دقيقة، وعلى سبيل المثال كانت السنة الشمسية لهم تساوي 365 يومًا، ولقد حسبوا السنة الاستوائية للأرض بدقّة متناهية فكانت تساوي 365.242 يومًا، وهو رقم قريب جدًا من المستخدم في السنة الميلادية ويساوي 365.2425 يومًا.

وكان الشهر القمري لديهم يساوي 29.5308 يومًا والشهر القمري في العصر الحديث يساوي 29.53059 يومًا. أما دورة كوكب الزهرة فقدروها بحوالي 584 يومًا، ولقد تم تقديرها في العصر الحديث بحوالي 583.93 يومًا، ولقد سجّل المايا وجود كواكب المريخ وعطارد والمشترى. واعتبر المايا أن ارتفاع كوكب الزهرة يعني أنهم سينتصرون في الحرب، وكان اهتمامهم الشديد بالفلك منصب على تحديد التقويم بدقّة متناهية.

الحياة الروحية والدينية لشعب المايا

لقد آمن شعب المايا بالدورات المتكررة لبداية الخلق ونهايته ، وكانت الدورة الكبرى لديهم تستغرق 5200 عام، ولذلك كان يعتقد أن تنتهي دورة الخلق تنتهى في عام 2012 ، فقد سجّلوا أن الدورة بدأت في عام 3113 قبل الميلاد.

واعتقد المايا أن الأرض مسطحة ولها أربعة زوايا وأن كل زاوية تتعلق بلون من الألوان، فالأحمر للشرق والأسود للغرب والأبيض للشمال، والأصفر للجنوب، وفي الوسط كان اللون الأخضر.

السماء والأرض فى حضارة المايا 

اعتقد المايا أن السماء ذات طبقات وأن بها أركان أربعة في كل ركن يوجد إله يتمتع بقوى خارقة يدعى “بكابس” واعتقدوا أن الأشجار تدعم السماء وأن شجر الصيبا يوجد في المنتصف.

ومن معتقداتهم الآخرى أن سطح الأرض هو عبارة عن ظهر تمساح يعوم في بحيرة من الزنابق، أما السماء فيوجد بها ثعبان مزدوج الرأس، ولقد ميزوا هذا الثعبان بنقاط تدل على مكان كوكب الزهرة والشمس والقمر وبعض الأجرام السماوية الآخرى.

واعتقد المايا أن للسماء 13 طبقة لكل طبقة إله وللأرض تسعة طبقات ولكل طبقة أمير من أمراء الليل، واعتبروا العالم السفلي مكانًا باردًا موحشًا ويذهب إليه أغلب الناس بعد الموت.

وأن الأجرام السماوية التي تغيب تمرّ من العالم السفلي، وكان لهم عدد كبيرمن الألهة يقدربحوالي 166 إله، وكان لكل إله أكثر من جنس وله قدرات وجوانب متعددة، ولكل إله جسم سماوي يمثّله، ولكل إله مات وجه آخر في العالم السفلي.

الكهنة وكبير الآلهة  

فوق كل الآلهة كان هناك إله أعلى يدعى “إيتزامنا Itzamná” وهو من اخترع الكتابة، وهو راعي الفنون والعلوم أما زوجته “لكس تشل Ix Chel” فكانت إلهة النسيج والطب والولادة وآلهة القمر.

وكان الكهنة مسؤولين عن الطقوس الدينية والتعليم، ويمارسون الطب، ويعالجون الأمراض، ويمارسون العرافة، ويحسبون الوقت ويهتمون بالتوقيت ويمارسون الكتابة ويسجلون سلاسل الأنساب.

وكان من طقوس المايا استخدام تقويم الجولة المقدسة ومدنه 260 يومًا ويقومون بعروض رمزية يمتنعون قبلها وبعدها عن ممارسة الجنس .

وكانوا يقومون بتشويه الذات من أجل التضحية بالدم خلال هذه الطقوس والاحتفالات، ولقد كانت النخبة مهووسة بالدماء سواء دمائهم الشخصية أو دماء أسراهم فلقد كانت إراقة الدماء جزء أصيل من ممارساتهم الدينية.

وعندما بدأت حضارة المايا في الانحدار كان الأمراء يتوافدون على المعابد للتضحية بالدم في سبيل الحفاظ على أراضيهم الشاسعة.

القرابين والأضاحى البشرية فى حضارة المايا 

عرف شعب المايا الأضاحي البشرية وخاصة من الأطفال الأسرى أو العبيد والأيتام الذين تم شرائهم لهذا الغرض.

ولكنهم فى أغلب الأحيان كانوا يقدمون الأضاحى من الحيوانات. وفى الأضاحى البشرية كان الكهنة يقومون بذلك بمساعدة أربعة رجال كبار يمسكون بيدي وقدمي الضحية.

حيث يشهد على العملية شخص من الشامان يتلقى الرسائل الروحية من الألهة وفق معتقدهم . 

واعتقد المايا أن الناس عندما يموتون يدخلون إلى كهف يأخذهم إلى العالم السفلي وأن الملوك يتبعون مسار الشمس في الدخول إلى العالم السفلي ويولدون من جديد في شكل ألهة.

وكان الشخص يدفن في منزله، ويُملأ فمه بالطعام وحجر اليشم، ويوضع معه أشياءه التي كان يستخدمه .
وقد احتوت قبور الكهنة على كتب ، بينما حرقت جثث النبلاء ووضع رمادها في جرار خاصة في المعابد.

وبعد دخول المستعمر الأسبانى تبين أن هناك الكثير من الأشياء المشتركة بين الجانبين من حيث المعتقدات.
فكلاهما يستخدم الصور المقدسة ويحرق البخور ولديه كهنة ويقوم بالحج بحسب تقويم خاص.

وفي يومنا هذا يعتنق المايا ديانات هي مزيج من الكاثوليكية والروحانية والمايا القديمة .
ومازال بعضهم يعتقد أن قريته هي مركز احتفالي تدعمه الألهة ، ومازال الشامانات يؤدون الصلوات من أجل شفاء المرضى.

—————————————

المصادر

https://interestingengineering.com/9-incredible-mayan-inventions-and-achievements-and-one-they-surprisingly-missed

https://maya.nmai.si.edu/calendar/calendar-system

https://www.historymuseum.ca/cmc/exhibitions/civil/maya/mmc03eng.html

 

 

 

 

إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.