الركائز الخمسة والأذرع الثمانية لليوجا
تعتمد أذرع اليوجا الثمانية وركائزها الخمسة على التواصل بين العقل والجسد والروح.
ان هذا المفهوم وحده هو ما يمكن أن يحقق التوازن للإنسان ويخلصه من مشاعر الغضب والكراهية والتعاسة ، وأن يعرف أن الهدف في أن يتحرر الإنسان من دائرة الموت وإعادة الولادة (سامسارا).
وتعد الكارما بمثابة المادة اللاصقة التي تجعل الإنسان يدورعلى عجلة المعاناة تلك، ولذلك كلما زهد الانسان في متاع الدنيا وتخلص من الغرور والكبر كلما كان أقرب للتحرر وللخلود الروحي، وتخلص من خداع المايا الذي يعوق تواصل الإنسان مع الكون.
ان الهدف الأساسي لليوجا هو تحقيق حالة مستدامة من الوعي الفائق، والتواصل مع الذات العليا، والوصول إلى حالة من التنوير والحرية الخالصة التي يتلاشى فيها كل قيد للروح ويمنعها من إظهار جوهرها السامي .
ولفهم اليوجا عليك أن تكون على دراية ببعض المفاهيم مثل طاقة برانا (طاقة الحياة) والكونداليني (طاقة الوعي) ، فمعظم تمارين وتقنيات اليوجا تعتمد على الفهم الجيد لمسارات الطاقة فى الجسم وأنظمة عمل الشاكرات .
أذرع اليوجا الثمانية Ashtanga yoga
أذرع اليوجا الثمانية عبارة عن تصنيف ذُكر في نصوص “باتانجالي” التي تشرح اليوجا سوترا .
وتتضمن تلك الأذرع الثمانية مجموعة من القواعد والممنوعات التي تتعلق بالملاحظة واتباع الإرشادات، والوقفات والأوضاع، وتقنيات التنفس.
كما تتضمن طرقا للانسحاب من المؤثرات المحيطة، والتركيز، والتأمل، وامتصاص الطاقة.
هذه الأذرع الثمانية هى :
ياماس YAMAS
الياماس هي القواعد الأخلاقية الهندوسية التي تتضمن خمسة ممنوعات ذُكرت في نصوص باتانجالي في يوجا سوترا، وتتضمن:
- أهيمسا : أي تجنب العنف وعدم إيذاء الكائنات الحية.
- ساتيا: وتعني تجنب الكذب واعتماد الصدق في حياتك اليومية.
- استيا: أن تمتنع عن السرقة والاستيلاء على حقوق الغير.
- براهاما تشاريا: وتعنى الإخلاص والعفة أي الاكتفاء بالعلاقة الزوجية المشروعة وعدم تجاوز ذلك وممارسة الانضباط الجنسي.
- أباريجراها: أو تجنب الجشع والسعي الحثيث للتملك.
فبحسب ما جاء في نص باتانجالي يمكن أن يؤدي الالتزام بالأمور السابقة إلى تحقيق النمو الروحي، والتخلص من العداوات ومشاعر الضغينة ، والتحرر من قيود الحياه المادية.
نياماس NYAMAS
وهذا الجزء يتضمن الفضائل التي عليك التمسك بها وهي:
- شاوتشا: أي الطهارة سواء فيما يخص وضوح الذهن أو نظافة الجسد أو الملبس أو الحديث.
- سانتوشا: وتعني الرضا وقبول الأخرين وقبول الظروف المحيطة بك ومحاولة تجاوزها بتفاؤل.
- تاباس: وتعني المثابرة والتقشف والزهد وتحقيق الانضباط الذاتي.
ويشرح نص باتانجالي كيف ولماذا يساعد نياماس على تحقيق النمو الشخصي ، فأهم مصادر الفرح الداخلي هو الشعور بالرضا والامتثال لما تتعرض له من ظروف وحتى تتمكن من تغييرها.
الأسانا ASANAS
وهي واحدة من أهم أذرع اليوجا الثمانية وهى الوضعيات التي عليك اتخاذها أثناء ممارسة اليوجا وهي موصوفة في نصوص باتانجالي .
ومن مواصفات وضعية التأمل أن تكون مريحة وثابتة ويمكن الاحتفاظ بها لفترات طويلة من الوقت مع البقاء في حالة استرخاء، ويجب الحفاظ أثناء ذلك على انتصاب الصدر والرقبة والرأس والعمود الفقري.
برانا ياما PRANAYAMA
وهي تمرينات التحكم في التنفس، وتنظيم عملية التنفس والتوقف والشهيق والزفير، وإبطاء العملية أو التوقف للحظات بين الشهيق والزفير، ومراعاة ضبط التوقيت خلال ذلك.
براتياهارا PRATYAHARA
وفيها يتم الانسحاب من العالم الخارجي إلى داخل الذات، حيث يعيش الإنسان التجربة الروحية ويغلق عينيه بوعيه عن العالم الخارجي وما به من مؤثرات.
دارانا DHARANA
وتعني التركيز الاستبطاني وتمسك الإنسان بحالة داخلية أو موضوع ذهني داخلي حيث يبقى العقل مثبّت على تعويذة أو على جزء من الجسم مثل طرف اللسان، أو على عملية التنفس.
اذ ان هذا التركيز على موضوع واحد دون القفز لموضوع أخر يساعدك على إصلاح العقل والتمتع بقدرة أكبر على التركيز ويزيل الضبابية من الذهن.
ديانا DHYANA
وتعني التأمل العميق التجريدي فالإنسان في الدارانا يركزعلى شئ ما وفي ديانا يتأمله، والطرفان السادس والسابع في اليوجا مرتبطان بشكل كبير فأحدهما يؤدي إلى الأخر.
ساماداهي SAMADHI
وتشير لحالة النشوة التامة الناتجة عن التأمل، وهي حالة يصل إليها الإنسان إنعاكاسًا لتحسن مستويات الطاقة وتوازنها في الشاكرات والتشبع بطاقة الحياة (البرانا).
وسامادى كما توصف هى حالة الشعور بالغبطة الطاغية التى يصل البها المتأمل .
الركائز الخمسة في اليوجا The 5 yamas of yoga
الياماس أو االركائزوالمبادئ الأخلاقية في اليوجا هي نصوص موجودة في باتانجالي، وعندما يكون الإنسان يوجيًا تصبح هذه الركائز الخمسة جزءًا لا يتجزأ من سلوكياته ونمط عيشه، ويجب أن يمارس الإنسان هذه السلوكيات على مستوى الأفكار والكلمات والأفعال.
وهذه الركائز هي:
أهيمسا ASHIMSA
وتعني اللاعنف وهذا ينطبق على العنف اللفظي والجسدي والفكري أيضًا، تجاه النفس وتجاه الأخرين، فعلينا التحكم في ردود أفعالنا تجنبًا للعنف.
ولعلنا نجد فى الرحمة البوذية نموذجًا يحتذى به في ذلك الأمر، فالأمر يحتاج منك أن تتقبل الأشخاص والأحداث بقلب مفتوح مليء بالمحبة.
إن هذا ليس بالأمر اليسير ولا يأتي بين ليلة وضحاها، فعليك أن تتعلم التعاطف وأن تبدأ بنفسك، وأن تتقبلها كما هي ليمكنك تقبل الأخرين بدون أحكام.
ساتيا SATYA
وهي تجنب الكذب والالتزام بالصدق على كل الأحوال وفي كل الظروف، فالعيش في الحقيقة وبالحقائق سيجعلك أكثر احترامًا لذاتك وسيجعلك متميزًا بالشرف والنزاهة.
أستيا ASTEYA
وتعني لا تسرق، ولا تساعد أحد على السرقة، والأمر يشمل الممتلكات والحقوق والأفكار، وحتى الاستغلال والظلم الاجتماعي والقمع، وتحرّي هذه الفضيلة في حياة الإنسان أمرًا ليس سهلًا أيضا.
لكن اتباعه هذه الفصيلة ينمى خصال الكرم والنزاهة وانعدام الجشع والأنانية فى نفس اليوجى.
وبحسب نصوص باتانجالي فإن من يلتزم بهذه الفضيلة ويكون يوجيًا شريفًا تصبح لديه جميع جواهر الروح حاضرة.
براهماتشاريا BRAHMACHARYA
وهي فضيلة الاعتدال والسيطرة على الدوافع الجسدية ، فالإنسان الذي يستطيع التحكم في غرائزه، يمكنه اكتساب الطاقة والقوة والمعارف، وهو يحتاج لفضائل مثل الشجاعة وقوة الإرادة من أجل أن يتمكن من فعل ذلك.
إن الاعتدال يمنعك من إهدار طاقتك فيما لا طائل وراءه، فتسخّر هذه الطاقة من أجل أغراض أسمى.
أباريجراها APARIGRAHA
وتعني تجنب الجشع، فعندما تتخلى عما أنت غير محتاج له ستصبح أكثر اطمئنانًا وتستطيع تقييم ما هو مهم في الحياة، وما هو غير جدير بالوقت والجهد.
ان الإلتفات إلى ما يفيدك حقا هو ما سيمنحك القدرة على تنمية ذاتك وتحقيق أهدافك وتركيزها.
أنواع الطاقة الثلاثة في الكائنات الحيّة The 3 gunas of nature
إنها الأنواع الثلاثة التى تتميز بها أى طاقة وهى الركيزة الأساسية للكون (براكريننتي) و ما يميز الأشياء كانت خيرا أو شرا من حيث درجة نقاء الطاقة وما تحتوية من توجهات جيدة أو سالبة .
هذه الطاقات الثلاثة هى :
- Tama تاما : وتعني الجهل وظلام الروح فمن كانت طاقته ” تاما ” فهو يميل للقسوة والكراهية وظلم الأخر.
- راجا : وتعني العيش من أجل تحقيق المصالح والمنافع الشخصية دون الاهتمام بالآخر.
- ساتفا: وتعني الوئام التام مع الوجود وكل الكائنات ، الحب غير المشروط والنزوع دوما لخدمة الآخر.
وبالتحكم في أنواع الطاقة الثلاثة يمكنك تقليل التوتر وزيادة السلام الداخلي والوصول إلى حالة التنوير.
هذه الأنواع الثلاثة من الطاقة على الانسان أن يطبقها فى كل مناحى الحياه فى النيه، والعمل ، والمأكل والملبس وحتى الألوان التى يستخدمها ويرتديها .
فكل هذه الأشياء تحمل مكونات مختلفة من الطاقة وعلى الانسان أن يختار من طعامه وشرابه وملبسه ما هو ” ساتفا ” ، كما عليه أيضا أن يراقب أفعاله ونواياه.
أنواع الطاقات أوالجونا الثلاثة تتدفق في الكون باستمرار وتتفاعل مع بعضها البعض، وهذه الحالة يمكنها أن تؤثر على حياة الإنسان كلها وعلى تقدمه وتطوره ,
انه بتنظيم مستويات الطاقة الثلاثة يمكن للإنسان علاج ما بحياته من خلل فيكون لديه خيارات أكثر توازنًا في الحياة ويتمكن من تحقيق التناغم داخليًا وخارجيًا.
ويمكن شرح أنواع الجونا الثلاثة كالتالي:
تاماس TAMA
وهي حالة الظلام والفوضى والخمول والإستغراق في الماديات، والتي يمكن للكثير من البشر أن يقعوا فيها ويعانون من الجهل والابتعاد عن الحقائق الروحية.
ومن الصفات الملازمة لتلك السمة :
- الاشمئزاز.
- العجز.
- الشك.
- الإدمان.
- حب الأذية .
- الاكتئاب والحزن.
- اللامبالاة.
- الارتباك.
- التبعية.
- الجهل.
- التعلّق بالمال والممتلكات والتعلق بالغير.
راجا RAJA
وهي طاقة التغيير والعمل والحركة، وهي ترتبط بالعمل وثمار العمل، ولكنها تسحب صاحبها نحو الذات وتوجيه الاهتمام بالمصالح الشخصية .
ومن صفاتها الأخرى:
- سرعة الغضب.
- القلق والتوتر والخوف.
- الانزعاج لأقل الأسباب.
- اجترار أحزان الماضى.
ساتفا SATTVA
وهي حالة التوازن والتناغم والانسجام والفرح واكتمال الذكاء الروحى ، وهي مبتغى اليوجيين فهي التي تجعل التحررممكنًا لهم، ومن صفاتها الأخرى:
- الهدوء والسكينة والسعادة الداخلية.
- التعاطف والرحمة وابداء المودة.
- الاتزان وضبط النفس .
- الرضا والشعور بالغبطة الروحية .
- التسليم والثقة .
- البهجة والفرح الروحى والامتنان.
- نكران الذات.
كيف العمل على الجونات الثلاثة ( أنواع الطاقة ) للحصول على أعلى درجات التناغم والاتزان
يمكن للعقل أن يتقلب ما بين أنواع الطاقة الثلاثة “جونا” بسهولة شديدة بحسب الظروف التي قد يتعرض لها الإنسان، وهذا يمكن أن يؤثر على طريقة تصرفاتنا ونظرتنا للأمور.
لكن اليوجيون دائما ما يواصلون التقدم ويعملون على ذواتهم من أجل الحصول على القوة الداخلية وتحقيق التوازن الذي تمنحه حالة “ساتفا”.
ولتجنب الوقوع في طاقة ” تاما ” ينصح خبراء اليوجا بعمل التالي:
- تجنب الأطعمة التاماسية مثل اللحوم الحمراء والبصل والثوم والفطر.
- تجنب الإفراط في النوم.
- القيام بأنشطة تخلصك من الخمول والسلبية.
- تجنب الأطعمة الفاسدة والمعالجة.
لتقليل طاقة ” الراجا” يمكنك عمل التالي:
- قلل من الأغذية الراجية مثل اللحوم والأسماك والدجاج، والفلفل، والثوم والبصل، والتوابل.
- لا تفرط في ممارسة الرياضة.
- لا ترهق نفسك.
- لا تستمع للموسيقى الصاخبة.
- تجنب التفكير المفرط.
ولزيادة ساتفا عليك فعل التالي:
- قلل من الأغذية الراجاس والتاماس، وتناول الأغذية الساتفيه مثل البقوليات والفاكهة والخضر الطازجة.
- استمتع بالأنشطة الاجتماعية والفنية.
- إحرص على البقاء في البيئة التي تنتج الفرحة والسعادة وصاحب أشخاص إيجابيين.
إن كل أنواع الطاقة السابقة تخلق التعلّق، وتربط الإنسان بأناه، وعندما يرتقي الإنسان فوقها جميعًا يتحرر من دائرة الموت وإعادة التجسد، ويتحررمن الشيخوخة والمرض ويعيش حالة التنوير.
وعلى الرغم من أن هدف اليوجي هو الوصول للساتفا إلا أن الهدف النهائي له يتمثل في تجاوز كل هذه التعريفات والسمات وفك ارتباطه بكل ما هو سيء أو جيد.
إن عيش حياة سعيدة وهادئة ومستقرة يتطلب منك أن توازن بين أنواع الطاقة الثلاثة في حياتك، وأن تحقق لنفسك القدر المناسب من كل طاقة منها من أجل تحقيق أهدافك في الحياة، وعلى سبيل المثال يمكن أن تكون النسبة الأكبر من الطاقة الراجاسية مفيدة للرياضيين أو المبدعين من مختلف المجالات، إلا أنها للأشخاص الآخرين قد تجلب لهم سعادة مؤقتة والكثير من الشقاء، ويمكن بممارسة اليوجا أن تحقق القدر المتوازن من الثلاثة لحصل على المعادلة الناجحة التي ترغب فيها.
———————————————-
المصادر
