كيفيه تفعيل الوعى الأعلى موضوع يشرحه هنا د. بول مولر أورتيجا ، وهو باحث ومعلم فى الديانات الشرقية والتأمل واتصال عملية التأمل برحلة الوعى ، هو أيضا مؤسس منهج يوجا الحنجرة الزرقاء Blue Throat Yoga.
يشرح د. أورتيجا طريقة ممارسة روحيه عميقة تساعد فى تفعيل الوعى الأعلى وانطلاقة الروح من خلال “التأمل ” فهو ممارس ومعلم روحى لحوالى 50 سنه.
ويشرح ابتداء كيف يتطورالوعى حتى نعرف أين نحن وفى أى مرحلة على الطريق . يساعد الشرح على فهم مراحل التقدم فى الدرب الروحى).
الرحلة تبدأ من هنا
تبدأ اولى شرارات الوعى بتساؤلات كثيرة نسألها ، ثم يأتينا شعور بان هناك ارشادات تجىء من داخل انفسنا .
وحتى عندما نبدأ فى عمل ممارسات روحية بطريقة أو بأخرى نظل نبحث عن شىء ما ، نشعر بأننا لسنا كاملين وأن هناك أشياء تنقصنا ونتطلع لمعرفتها واستكمالها .
هذا ما يسمى برحلة التطور . التطور فى الحقيقة ليس أمرا سهلا ، لم يكن أبدا كذلك حتى على المستوى الفيزيقى ، فنحن نمر بالكثير من التحديات والعواصف فى مراحل العمر المختلفة من الطفولة الى الشباب والنضوج حتى الشيخوخة ما يعيقنا أحيانا عن الوصول الى تفعيل الوعى الأعلى.
وعندما نتقدم قليلا روحيا ، لا ننعزل أونترك حياتنا وراءنا ولكن نعيد تكييف حياتنا وأفكارنا وعاداتنا وفق ما د خل فى وعينا من معارف وما قمنا به من ممارسات .
الصحوة الروحية .. هل تعنى تفعيل الوعى الأعلى .. هل هى الأستنارة
الصحوة الروحية Awakening لا تعنى الوصول الى الأستنارة Englightenment . الصحوة الروحية هى اتساع رؤيتنا واحتياجاتنا ورغبتنا فى تكييف وتعديل دفة الحياه وفق منظور جديد .
هى المرور من حالة الجهل والظلام العقلى الى انفتاح الذهن والدخول فى أعماق النفس بشكل أقوى وأوسع .
ولأن بداخل كل منا ” وعى ” فطرى فهو ينمو بالتدريج حتى يصل الى تفعيل الوعى الأعلى حيث مزيد من الحب و التسامح والصبرفى التعامل مع الآخرين والحكمة والسمو الأخلاقى . انه كمال الوعى.
ولكن هذا يتخذ مراحل متعددة تختلف من شخص لآخر فهناك من يبدأ معه تفعيل الوعى الأعلى أو اليقظة الروحية بأن يسأل ويناقش ولكن القوه الدافعه لاحداث تغيير تظل نائمه .
شخص آخر يأتيه الأمر بصورة أكثر كثافة فهويقرأ و يتعلم ويبحث ويثابر حتى يصل الى طريق ،واحد ثالث يكون فى الوسط بين الأثنين فهو يظهر بعض الأهتمام لمدة طويلة دون خطوات حقيقية ، وفجأة ياتى شىء ما أو معلومه ما تكون هى بداية انطلاقته الروحية .
تطور رحلة التنوير وتفعيل الوعى الأعلى
الشوق الروحى قد يكون مبكرا وقد يأتى متأخرا . تحدث الشرارة الروحية بعد أن نمر بعدم الأقتناع بما نقراه أوندرسه ليس لأنها أشياء غير مفيده ولكنها لكونها لا تجيب على تساؤلات كثيرة بداخلنا .
لماذا جئنا الى الدنيا ، وما الهدف من حياتنا ، ماهى الصورة الكبرى لحقيقتنا ، وماذا علينا أن نفعل .
فى أول الرحلة نبحث ، نقرأ ، نستمع لكثير من المعلمين . نتنقل من هذا المنهج لذاك و نكون مشتتين شيئا ما ، لا نعرف الطريق من كثرة المعلومات واحيانا نصاب بالأكتئابأو الأضطراب .
وهنا يأتى دور الممارسة الروحية لتفعيل المعلومات والأفكار ولتضعنا على أول الطريق . الممارسة الروحية أسمها هنا ” سادنا ” Sadhna وهى كلمة باللغة السنسكريتية وتعنى طريقة أو منهج.
معرفة ” السادنا ” أو المنهج لم يعد بالأمر العسير، فالبشرية الان محظوظه بعالم الأنترنت .
أنت جالس أمام شاشة الكمبيوتر وتستطيع التعرف على عشرات المناهج وتستمع لعشرات المعلمين ، وتقرأ الكثير من الفلسفات .
المرشد الداخلى
من هذه النقطة وبعد المحاضرات والمعلومات والتدريبات والنظريات والفلسفات ، يأتى الأرشاد من الداخل ، يبدأ الأنسان فى التوجه لما يرى أنه متناغم مع روحه ، ثم يبدأ فى ممارسته .
يحدث هذا بعفوية وتلقائية لأن الأرشاد الداخلى يعمل مع كل انسان متى بدأ أولى خطواته على الطريق .
كان هناك منهج للممارسة الروحية بهدف الوصول الى تفعيل الوعى الأعلى باعتزال الحياه وترك الدنيا ، ولا أقول ان هذا المنهج خاطىء فممارسوه الآن اما فى المعابد أو فوق الجبال يتعبدون ويتأملون .
لكنه لا يناسب بالتأكيد أغلب البشر الذين يرغبون فى العيش وسط علائلاتهم وأبنائهم ويمارسون أعمالهم اليومية .اذن ما هوالطريق لهؤلاء ؟
ماهى الممارسة التى تجمع بين السمو الروحى وعدم ترك الحياه ؟ الممارسة التى تساعدنا فى تفعيل الوعى الأعلى لدينا ؟
هذه الممارسة أو المنهج أو السادنا تسمى ” شيفا تانترا ” Shiva Tantra
هى ممارسة تقوم على فكرة أن الوعى الكونى يشبه المحيط ، هذا المحيط له أمواج ، أمواجه هى نحن البشر ، كل واحد منا “موجه ” فى هذا المحيط الشاسع ، جزء من الوعى الشمولى .
المحيط باق ومستمر ولا يذهب لأى مكان وهو لا نهائى ولا محدود .ضمن هذه اللانهائية واللامحدودية يأتى وعينا الفردى الصغير بمحدوديته فنظن لكوننا موجة صغيرة فى محيط الوعى الكونى أننا منفصلون عنه ونتجاهل صلتنا بهذا المحيط الذى هو الوعى الكونى الشاسع .
نعود للطريق الذى نسلكه
كما ذكرنا فان هناك طريقان لتفعيل الوعى الأعلى : الأنعزاليه أوالأنخراط فى الحياه ، ياترى ما الفرق بينهما ؟
فى ” الأنعزاليه ” يندمج الفرد تماما مع الوعى الكونى بمعنى أن ” الموجة ” لا تظهر ضمن المحيط ، بل تصبح هى والمحيط شيئا واحدا .الأنعزاليه تعنى ترك كل متعلقات الدنيا ورغباتها والذوبان بالكلية فى الوعى الكونى .
لكن هناك طريق آخر أكثر يسرا
وهو أن المحيط بكل وعيه الشمولى يساعد ” الموجه الصغيرة ” على الأرتفاع . يحدث هذا بممارسات مدروسة تستخرج كل القوى الكامنه الموجودة فى الروح ، وتوقظها من حالة السبات الى حالة الأكشن .
الأكشن يعنى احداث تغيير عميق فى كل ممارسات الحياه وايقاظ كل ما فى الأنسان من حب ورحمة وتعاطف وذكاء ومعرفة. حتى أن الممارس يمكنه أن يحقق ” التحرر الروحى ” فى هذه الحياه وليس بعد الموت أو فى حياه ثانية .
تأمل ” أمبريتا جورو ” Ampreta Guru لتفعيل الوعى الأعلى
يشرح د. أورتيجا طريقة ممارسة روحيه عميقة تفعل الوعى وانطلاقة الروح من خلال تأمل ” أمبريتا جورو “Ampreta Guru ” وهو نوع من التأمل يساعد على الدخول الى منطقة الوعى التى تعطينا الأرشاد والحكمه .
يقول د. أورتيجا :
ان الصعود الروحى لا يأتى فجأه وانما على مراحل ، مرحلة تلو مرحلة تماما مثل مراحل الحياه فنحن نولد أطفالا ثم نكبر ونصيرفى عمر الشباب .
ثم تأتى مرحلة النضوج ، وهكذا ، وأثناء عملية صعود الروح وتطورها نحن نعيش مع احبائنا .وعينا الآخذ فى التطور يؤثر فينا ويرفع من قدرتنا على اعطاء المزيد من الحب ، من قدرتنا على التعاطف والفهم والمسامحه.
ان تغير انسان واحد وتطور روحه هو بذرة لتغير المجتمع بأسره . الأنسان المستنير يشع فيمن حوله .
وعندما يتنامى عدد المستنيرين فى العالم فان بامكانهم أن يحدثوا تغييرا فى محيط حياتهم ومجتمعاتهم . وهكذا يستطيع انسان واحد مستنير أن يخلق مجتمعا مستنيرا .
وكما ان التطور الروحى يجعل وعينا ينطلق رويدا لخارج نطاق العقل والحواس الخمسة ، هناك أيضا شىء مهم وهو تدفق تيار الوعى بداخلنا وهذا ما تفعله المديتيشن وكل مدارس اليوجا.
عالمنا الداخلى
ان رحلة التأمل ( المديتيشن ) هى الولوج لعالمنا الداخلى والسماح بتدفق تيارالوعى مرورا بعدة مستويات هذا يحدث مع الممارسة المستمرة للتأمل ، تماما مثل النهر الذى يتدفق ويمر من حقل لوادى ثم بحيرة ثم يستقر تدفقه عند مكان ما .
نحن أيضا كذلك ، نمر برحلة الوعى هذه ، نزور اماكن ومستويات متعددة للوعى بداخلنا . وبرغم أن هذه العملية تحدث ونحن صامتين ومتأملين الا أنها فعالة جدا وتؤتى ثمارها .
وهذا هو مسار كل التدريبات الروحية واليوجا والتانترا وجوهر تعاليم الكثيرين من المعلمين ، وهو الولوج لداخل ” وعينا الروحى ” والوصول اليه حتى يتسع شيئا فشيئا .
وعندما نصل الى هناك ، سوف نحصل على الكثير من الرحيق الطيب السامى لذاتنا العليا ما سيجعلنا نخرج ثانيه للعالم المادى ونحن نحمل نضجا ورؤيه واحساسا جديدا يحفزنا ويرشدنا نحو الطريق .
دكتور بول أورتيجا يشرح التأمل
- نجلس بارتياح وظهر منتصب فى وضعية التامل المعروفة اما تربيعا او على كرسى .
- نغلق أعيننا ونوجه وعينا نحو ” شاكرا الأجنا ” التى تقع بين الحاجبين ( شاكرا البصيرة أو العين الثالثة ) ان كلمة ” أجنا ” معناها ” القياده ” أى أن هذا المكان هو منطقة الوعى والتوجيه والرؤيه . ” الأجنا ” هى بوابة الروح من خلالها نتلقى الوعى ونتركه يتدفق ويمنحنا المعرفة والحكمة .
- نأخذ شهيق وزفير بعمق وهدوء ثلاث أو أربع مرات ، نكون فى اللحظة ونستشعر السكون ثم نكرر كلمة ” أمبريتا جورو ” Ampreta Guru مرتين . نستمر فى التأمل ونعاود تكرار الكلمة مره او مرتين كل 15-20 ثانيه .
- نستمر فى التأمل لعشر دقائق يتخللها نداء ” أمبريتا جورو” من وقت لآخر أثناء التأمل ، فهذه الكلمات ليست مانترا تقال طول الوقت وانما نداء واستدعاء خفى للوعى الأعلى .
- بعد الأنتهاء من التأمل نضع كفينا متلامسين أمام بعض على منطقة شاكرا القلب (كما فى الفيديو أسفل البوست ) ونستشعر تناغمنا مع وعينا الأسمى ، مع ذاتنا العليا ، وأن كل شىء يتدفق الآن لوعيى هو حقيقى ويمكننى الأعتماد عليه فى انارة الطريق لى وأنه سياخذ بيدى خطوة بخطوه .
معنى ” أمبريتا جورو ” : ” رحيق التنوير أو الأستنارة ” ، فهى وعينا العميق ، النبع الصافى الذى نجلب من خلاله المعرفة والذكاء والحكمة .
عندما نقول ” أمبريتا جورو ” نحن لا ندعو معلم معين وانما نخاطب الوعى الأسمى للروح . نطلب منه الأرشاد والتوجيه ووضوح الرؤيه .
يمكن مشاهدة طريقة التأمل ابتداء من الدقيقة 8 فى الفيديو أسفل المقال :
https://www.youtube.com/watch?v=P3OpHOQOGkw&list=PLeLKgqctCxkrIK0HRLVGh5y0kn0icfI6V