الكونفوشيوسية

0

الكونفوشيوسية Confucianism هي واحدة من أكثر الفلسفات الدينية تأثيرًا في تاريخ الصين، وهي موجودة منذ أكثر من 2500 عام ، وتهتم بكل ما يتعلق بالفضيلة والأخلاق واحترام المجتمع وقيمه ومازالت هذه الفلسفة للآن هى جوهرالتعاليم والقيم والمبادىء الأخلاقية للصينيين .

وقد تأسست فيما بين القرنين الخامس والسادس قبل الميلاد فى الصين بواسطة كونفشيوس ، ولكنها انتشرت بعد ذلك فى العديد من دول آسيا لتؤثر فى ثقافات الشعوب ودساتيرهم الأخلاقية فى كوريا واليابان وفيتنام.

الكونفوشيوسية ما هي ؟

الكونفوشيوسية هي نظام فلسفي وعقيدي وجد في الصين القديمة وهي أساس لمعظم الثقافة الصينية اذ يعتبرها الصينيون منهجا وأسلوب حياه .  

تؤمن الكونفوشيوسية بتقديس الأسلاف من الآباء والأمهات وبالفضائل المتمحورة حول الإنسان من أجل العيش حياة سلمية. القاعدة الذهبية للكونفوشيوسية هي “لا تفعل بالآخرين ما لا تريد أن يفعله الآخرون بك.”

مؤسس الكونفوشيوسية

الكونفوشيوسية
كونفوشيوس مؤسس الكونفوشيوسية

الكونفوشيوسية هي نظام أخلاقي ابتكره العالم الصيني K’ung Fu-tzu  (باللاتينية Confucius ) في القرن السادس قبل الميلاد في الصين. كان كونفوشيوس فيلسوفًا ومعلمًا (551-479 قبل الميلاد) وقد عرف بأنه  المعلم المتجول وقام بتنظيم عناصر منهجية للفلسفة الصينية القديمة، هذه الفلسفة جمعها تلاميذه لاحقًا في مجلدين موثوقين يُعرفان باسم الكتب الأربعة والكلاسيكيات الخمسة. كتب تلاميذه أفكاره حول الأخلاق والسلوك الجيد والشخصية الأخلاقية في عدة كتب، أهمها كتاب “Lunyu”.

وبينما أعطى كونفوشيوس اسمه للكونفوشيوسية، لم يكن هو أول شخص يناقش العديد من المفاهيم المهمة في هذه الفلسفة بل قد كان مهتما فى المقام الأول بالحفاظ على المعارف الصينية التقليدية التى تم تناقلها من المفكرين الأوائل. بعد وفاة كونفوشيوس جمع العديد من تلاميذه حكمته وواصلوا عمله وكان أشهر هؤلاء التلاميذ مينسيوس وشونزي، وكلاهما طور فكرالكونفوشيوسية بشكل كبير .

كيف بدأت الكونفوشيوسية

لم تبدأ قصة الكونفوشيوسية بكونفوشيوس. كما لم يكن كونفوشيوس هو مؤسس الكونفوشيوسية بمعنى أن بوذا هو مؤسس البوذية ويسوع المسيح هو مؤسس المسيحية. بدلاً من ذلك، اعتبر كونفوشيوس نفسه يقوم بمحاولة إعادة إحياء القديم بوعى من أجل الوصول إلى الجديد. اقترح إحياء المعانى والمبادىء المقتبسة من الماضي من خلال الدعوة إلى حياة مرتبطة بالطقوس القديمة. كان حب كونفوشيوس للعصور القديمة مدفوعًا برغبته القوية في فهم سبب بقاء بعض المفاهيم والأنماط الفكرية مثل تقديس الأسلاف من الآباء والأجداد والممارسات الدينية التي تركز على الإنسان ومراسم الحداد لعدة قرون.

كانت رحلته إلى الماضي عبارة عن بحث عن الجذور، والتي اعتبرها متأصلة في أعمق احتياجات البشرية للانتماء والتواصل. كان لديه إيمان بالقوة التراكمية للثقافة. حقيقة أنه كان يرى أن الطرق التقليدية فقدت شيئا من الحيوية لكن هذا لم يكن يعنى بالنسبة له عدم قدرتها بالكلية على أن تتطور في المستقبل.

في الواقع، كان إحساس كونفوشيوس بالتاريخ قوياً للغاية لدرجة أنه رأى نفسه ناشطًا بيئيًا مسؤولًا عن استمرارية القيم الثقافية والأعراف الاجتماعية التي عملت بشكل جيد مع الحضارة المثالية لسلالة “زو” الغربية (عائلة عريقة معروفة في حضارة الصين القديمة).

حقيقة الكونفوشيوسية

هناك جدل حول ما إذا كانت الكونفوشيوسية هي ديانة. غالبًا ما توصف الكونفوشيوسية بأنها نظام للفلسفة الاجتماعية والأخلاقية بدلاً من كونها نظامًا دينيًا. في الواقع، قامت على أساس ديني قديم لتأسيس القيم الاجتماعية والمؤسسات والمثل العليا للمجتمع الصيني التقليدي. كان هذا ما أطلق عليه عالم الاجتماع روبرت بيلاه “الدين المدني”، بمعنى الهوية الدينية والفهم الأخلاقي المشترك في أساس المؤسسات المركزية للمجتمع. وهو أيضًا ما أطلق عليه عالم اجتماع صيني “الدين المنتشر”.

لم تكن مؤسساتها كنيسة منفصلة، بل كانت مؤسسات المجتمع والأسرة والمدرسة والدولة؛ لم يكن كهنتها متخصصين في الليتورجيا المنفصلة (فرع من علم اللاهوت العملي الذي يبحث في العبادة وكلّ ما يختصّ بها)، بل آباء ومعلمين وموظفين. كانت الكونفوشيوسية جزءًا من النسيج الاجتماعي الصيني وأسلوب حياة.

من الأفضل فهم الكونفوشيوسية على أنها دليل أخلاقي للحياة والعيش بشخصية قوية. ومع ذلك، بدأت  أيضًا كإحياء لتقليد ديني سابق. لا توجد آلهة كونفوشيوسية، وكونفوشيوس نفسه يُقدس باعتباره روحًا متقدمة وليس إلهًا. ومع ذلك، هناك معابد للكونفوشيوسية وهي أماكن تحدث فيها طقوس مجتمعية ومدنية مهمة. وما يزال هذا الجدل حول ما اذا كانت الكونفوشيوسية دين أم فلسفة قائما .لكن الكثير من الناس يشيرون إلىها على أنها دين وفلسفة في نفس الوقت.

المبادىء الجوهرية والأفكار

شجعت الكونفوشيوسية الناس على تكريم واحترام والديهم ومراعاة التسلسل الهرمي للسلطة حيث يطيع الابن رغبات والده، ويحترم الأخ الأصغر ويخضع لأخيه الأكبر، وتفعل النساء الشيء نفسه مع الرجال. بهذه الطريقة، ستعيش الأسرة في وئام، وإذا اعتنق عدد كافٍ من العائلات فكرة ” طاعة الأبناء ”  فسيكون لدى الأنسان مجتمع كامل من الناس القانعين، ثم دولة، ثم بلد بأكمله. لن تكون هناك حاجة لحكومات أو قوانين قمعية لأن الناس، في الأساس، سيحكمون أنفسهم من خلال الاعتراف بفوائد السلوك الفاضل.

تتلخص افكار الكونفوشيوسية  فيما يلي:

  • الفكرة الرئيسية لهذا المذهب هي أهمية امتلاك شخصية أخلاقية جيدة وهى ما يمكن أن تؤثر بعد ذلك على العالم من حول هذا الشخص من خلال فكرة “تناغم الذبذات الكونية “.
  • إذا تحلى الإمبراطور أو الحاكم بالكمال الأخلاقي، فسيكون حكمه سلميًا وخيرًا.
  • الكوارث الطبيعية والصراعات هي نتيجة حتمية للانحراف عن التعاليم الأخلاقية القديمة.
  • تتحقق الشخصية الأخلاقية من خلال فضيلة الرين Ren، أو “الإنسانية”، التي تؤدي إلى سلوكيات أكثر فضيلة، مثل الاحترام والإيثار والتواضع.
  • كان كونفوشيوس يؤمن بأهمية التعليم من أجل خلق الشخصية الفاضلة.
  • إن فكرة ” طاعة الآباء “، أو التكريس للعائلة، هي مفتاح فكر كونفوشيوس. يمكن أن يتخذ هذا التكريس شكل تقديس الأسلاف من الآباء والأجداد أو الخضوع للسلطة الأبوية.
  • الأسرة هي أهم محور للأخلاق الكونفوشيوسية، ولا يمكن أن يؤدي الإخلاص للعائلة إلا إلى تقوية المجتمع المحيط بها.
  • علّم كونفوشيوس أيضًا أن رفاهية أى انسان تعتمد بشكل مباشر على رفاهية الآخرين. هذا المبدأ يسمى جين Jen. يؤكد جين على أهمية إظهار المجاملة والولاء للآخرين.
  • أولئك الذين يمارسون الكونفوشيوسية يعتقدون أيضًا أن قيم الأسرة والعائلة مهمة جدًا. يتم تعليم الأطفال طاعة والديهم مند الصغر.

وهكذا كان أحد اهم جوانب الكونفوشيوسية هو تأكيد القيم المقبولة وقواعد السلوك في المؤسسات الاجتماعية الأولية والعلاقات الإنسانية الأساسية. تضمنت جميع العلاقات الإنسانية مجموعة من الأدوار المحددة والالتزامات المتبادلة حيث يجب على كل فرد فى المجموعة التى ينتمى اليها أو يشترك فيها أن يفهم ويتوافق مع دوره المناسب بدءًا من الفرد والأسرة. ان هذا الفكر وقدرة الأفراد على التصرف بشكل صحيح يمكن معه إصلاح المجتمع بأكمله .  

ماذا علّم كونفوشيوس الناس؟

علم كونفوشيوس الناس خمس أفكار أساسية حول السلوك:

  • احرص دائمًا على مراعاة الآخرين.
  • احترم أسلافك.
  • حاول تحقيق الانسجام والتوازن في كل شيء.
  • تجنب التطرف في السلوك والعاطفة.
  • إذا كنت تعيش في سلام وانسجام، فستكون على اتصال بالقوى الروحية للكون، بما في ذلك قوى الطبيعة.

يمكن استخلاص خمس فضائل من هذه العقيدة 

  • العطف
  • النزاهة
  • الرزانة
  • الحكمة
  • الجدارة بالثقة

هناك من ينظر إلى الكونفوشيوسية أحيانًا على أنها فلسفة وأحيانًا كدين، وقد تُفهم على أنها طريقة شاملة للتفكير والعيش تستلزم تقديس الأسلاف وتدينًا عميقًا محوره الإنسان. أصبحت المُثل الكونفوشيوسية متشابكة بشكل وثيق مع الثقافة الصينية بحيث لم يعد هناك طريقة للفصل بين الاثنين.

ولا تزال الكونفوشيوسية مستمرة في اكتساب أتباع في جميع أنحاء العالم حتى يومنا هذا . فهى من بين العديد من الفلسفات قد عرفت بأنها صاحبة المئة مدرسة فكرية اذ انتصرت رؤية كونفوشيوس في نهاية المطاف من خلال توفير طريقة تساعد البشرية للحياه الفضلى والتوجه نحو خير أعظم .

إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.