البهائية

0

 

الاله الواحد 

البهائية هي إحدى الديانات التوحيدية التي نشأت في القرن التاسع عشر على يد بهاء الله في بلاد فارس،  وتؤكد على وحدة الجنس البشري وعلى المساواة بين البشر واعتبار أن ما بينهم من تنوع عرقي وثقافي إنما هو إثراء للعائلة البشرية ويزيد من جمالها وأن كل إنسان يجب أن يحظى بنفس القدر من التقدير والقبول.

يؤمن البهائيون بإله واحد هو الله الذي يعتبرونه مصدر الخلق كلّه، كما يعتبرون أن الديانات كلها منبثقة من نفس المصدر الروحاني وأنها ما هي إلا تعاليم واحدة يرسلها الله على من يختار من الرسل ولذلك هناك تشابه كبير في التعاليم الدينية بين الديانات الرئيسية وهناك “وحدة دينية” تجمع بينها.

نشأة البهائية

البهائية
حضرة بهاء الله

نشأت البهائية في بلاد فارس أثناء حكم السلطنة القاجارية في عام 1844 ميلادية، ومؤسسها هو حسين علي النوري الذي عرف فيما بعد باسم “بهاء الله” وبشر بهاء الله بدعوته في بغداد في إبريل عام 1863 ميلادية بالحديقة النجيبية.

وتعود جذورالبهائية إلى الديانة البابية التي نادى بها السيد علي محمد الشيرازي الملقب باسم “الباب”، أي أنه الباب لمن سيظهره الله والذي بشر بقدوم بهاء الله وقال لمريديه وأتباعه أنه في خلال ألف سنة سيأتي من هو أعظم منه، واعتقد الشيعة في ذلك الوقت أنه يعني “المهدي المنتظر” بينما كان يعني هو “بهاء الله” بهذه البشرى، ولقد تم إعدام الباب رميًا بالرصاص فاعتنق مؤيدوه البهائية من بعده.

دستور ” العهد والميثاق ” 

ولقد وضع بهاء الله “العهد والميثاق” الذي يعد النظام الأساسي الذي يضمن بقاء واستمرارية البهائية ويحمي معتنقيها من الانقسام والخلافات، ومن بعده تولى إبنه عبد البهاء مسؤولية الجماعة البهائية ولقد كتب كتاب بعنوان “كتاب عهدي” وكتاب “ألواح الوصايا” ووصى فيهما بأن يتولى حفيده شوقي أفندي شؤون الجماعة من بعده، ثم تم إنتخاب بيت العدل المذكور في “الكتاب الأقدس” الذي وضعه بهاء الله، ولم يتمكن أحد بعدها من اختراق الجماعة أو إحداث الفرقة والتشتت بها.

الحياة والروح في البهائية

تعتبر البهائية أن الهدف الأسمى لحياة البشر على الأرض يكمن في عبادة الخالق وأن الإرادة الحرّة هي ما يميز البشر، وقوة الإدراك هي التي تساعدهم على تحسين أنفسهم باستمرار، والعمل على خدمة الله وخدمة بني البشر هو وحده ما يمنح الحياة قيمة وهدف.

والموت في البهائية يعني انقطاع علاقة الروح بالجسد لتستكمل رحلتها إلى الله، فالروح الإنسانية هي الباقية ووجودها على هذه الأرض ما هو إلا رحلة مؤقته تقطعها في طريق التقدم الروحي لخدمة إخوانها في الإنسانية، وبذلك تكتسب الصفات التي تؤهلها للعيش في رغد الحياة الاخرة.

العبادات فى البهائية 

العبادات في البهائية مزيج من الدعاء والتأمّل والتفكّر في خلق الله، والصوم والحج. كما أن خدمة الآخرين هي عبادة بذاتها يعزز بها الإنسان الروابط بينه وبين أخوته في الانسانية وبينه وبين ربّ العالمين.

والروح هي أشبه بشمعة مضيئة مخلوقة من أجل العطاء وتكريس النفس لخدمة الغير واكتساب السلوكيات التي تساعد على تحقيق هذا الهدف، وتطوير النفس بالمعرفة والتأمّل من أجل الارتقاء.

يقول بهاء الله: “أصل كل الخير: هو الاعتماد على الله والانقياد لأمره والرضاء بمرضاته، وأصل كل الشر: هو إغفال العبد عن مولاه وإقباله إلى هواه.”

الوحي الإلهي في البهائية

إن حقيقة الخالق لا تحدها حدود، ولا تقيدها قيود، فهو المطلق اللامتناهي، الذي تتجلّى صفاته في كل الأشياء، وليعرّف الله الناس بنفسه أرسل الرسل والرسالات لهم متعاقبين كى يقوموا بهداية الناس إلى الله وتربيتهم وتحسين سلوكياتهم وإشراكهم في التقدم والازدهار.

وليسطع نور الله على كافة مخلوقاته أرسل إبراهيم وكريشنا وزرادشت وموسى وبوذا وعيسى ومحمد ثم أرسل الباب وبهاء الله في العصر الحديث من أجل تحسين وصقل القدرات الروحية والعقلية والجسدية للبشر.

والبهائية تولي الطبيعة تقديرًا كبيرًا فهي انعكاس لقدرة الله والإنسان مسؤول عن حماية هذه الطبيعة وترشيد استهلاكه لمواردها من أجل الحفاظ على التناغم والاتزان، ويعتقد البهائيون أن العالم أصبح على شفا النضج الجماعي بعد مرور الإنسانية بمراحل الطفولة والمراهقة والصبا، وأن كمال الرشد يكمن في تحقيق الوحدة بين أبناء الجنس البشري على المستويين الروحي والمادي.

يقول بهاء الله: “هو الذي هو ربك، الرحمن الرحيم في قلبه الرغبة في أن ينظر إلى الجنس البشري كله كروح واحدة وجسد واحد.”

وحدة الجنس البشري

البهائية
الانسانية أسرة واحدة

إن مبدأ وحدة الجنس البشري من أهم المبادئ التي دعا إليها بهاء الله واعتبرها هدفًا أسمى للحياة على الأرض، واعتبر ذلك أشبه بخلايا الجسم التي تعمل بتناغم تام من أجل حفظ صحّته، وهي تقدر بمليارات الخلايا، وكذلك البشرية لا يمكن أن يستقيم حالها، وتحقق التناغم والانسجام التام، ما لم تتحقق الوحدة فيما بينها.

إنه يعتبر الإنسانية أسرة واحدة وأن توحدها وتضافرها من صميم الدين الذي أتى به، وأن هناك مؤسسات ونظم يجب أن تدير هذه الوحدة وتعمل على الحفاظ عليها وإبقائها في أفضل صورة.

السلام العالمي أحد أهم أهداف البهائية

يقول بهاء الله: “نرغب في خير الدنيا وسعادة الأمم، أن تقوى أواصر المودة والوحدة بين أبناء البشر، ما الضرر في هذا؟ هذه الفتن غير المثمرة، هذه الحروب المدمرة ستزول بعيدًا، وسيأتي السلام الأكبر.”

يقدم الدين البهائي الحلول التي يمكن من خلالها الوصول إلى حالة السلام العالمي، والتوفيق بين المتصارعين، وهو يكرّم الطبيعة ويحترمها، ويشدد على الحفاظ على مواردها متجددة، لأنه فيها الحياة والاستمرارية للجنس البشري.

وفي سبيل الوصول للسلام المنشود تحدد البهائية بعض المبادئ التي تساعد على ذلك وأهم هذه المبادئ:

  • تحريّ الحقائق: عليك أن تبحث بشكل مستقل وخالي من الأغراض عن الحقيقة.
  • نبذ التعصّب: إن أغلب مشكلات الجنس البشري تنبع من التعصّب الأعمى الذي ينشر الفتن ويغذّي الصراعات، وبدلًا من ذلك علينا أن نعلي من قيم التناغم والتوافق والانسجام بين البشر كافة، وبين الدين والعلم.
  • المساواة بين الجنسين: الرجال والنساء هما جناحا الإنسانية ، وبهما معًا يسمو ويرتقي، ولو لم يكن كلا الجناحين على نفس القدر من القوة والتقدير لن تسمو البشرية ولن تحقق الغرض من وجودها.
  • الاهتمام بالتعليم: إن التعليم ونشر الثقافة من أهم سبل الارتقاء بالمجموع البشري، ولذلك تهتم البهائية بالتعليم الإلزامي وتعممه على المدارس.
  • إلغاء الطبقية: الثراء الفاحش والفقر المدقع أمر يوغر الصدور ويثير الحنق ويغذي الكراهية بين البشر ولذلك يجب العمل على التقريب بين الناس اقتصاديًا والاهتمام بالأكثر فقرًا.
  • إيجاد لغة عالمية مشتركة.
  • العدالة هي أساس الدين وغاية الإله في الأرض.

ويرى البهائيون أن ما سبق ليس مجرد أحلام صعبة التحقيق، بل أنهم يرون ورغم كل ما تمر به الأرض من مشكلات اقتصادية وبيئية وإنسانية، أن السلام العالمي سيتحقق، وذلك لأن الأرض أصبحت أشبه بقرية صغيرة يمكن أن ينظر إليها البشر كافة من نفس المنظار بكل ما تحتويه من أعراق وأجناس.

التعبد البهائى 

تعتبر البهائية أن العبادات جزء لا يتجزّأ من حياة البهائي، فهو في حالة من التعبد والتأمل مستمرة ليتواصل مع خالقه، وهو يناجي ربّه ويعبّر له عن محبته، ويدعوه فينمو على المستوى الروحي، ويتجلّى ذلك في معاملاته مع الآخرين، وفي ارتقاءه وسموه الروحي.

التأمّل والتفكر أحد أركان العبادة لدى البهائي وبدونهما لا يمكن للإنسانية أن تتقدم، والبهائي يصوم ويحج، ويعتبر أن العمل أحد صور العبادة ففيه خدمة للأخرين وبه يحقق الهدف من وجوده في الحياة.

ويجتمع البهائيون معًا من أجل الصلاة في جلسات توقظ الجانب الروحي لديهم كما يؤدون الخدمة للأخرين للمساعدة على تطوير مجتمعهم إجتماعيًا وروحيًا.                                         

                                                                                            مشارق الأذكار

البهائية
محفل بهائى

هي دور العبادة لدى البهائيين حيث يتم اختيار موقع جيد في كل مدينة ويبنى بها المعبد البهائي ويمارس فيه طقوس الدعاء والمناجاة ويحظر فيه إلقاء الخطب ، كما يمنع وضع الصور والتماثيل فيه.

وهذه المعابد تكون مفتوحة لكل الأشخاص من مختلف الأديان لممارسة عباداتهم بالطريقة التي يريدونها على اختلاف دياناتهم وأعراقهم وأجناسهم وأعمارهم، حيث يمكن اعتبار هذه الدور بمثابة دور للتأمّل والتعمّق الروحي والسعي لتحقيق وحدة الجنس البشري.

يقول بهاء الله: “لقد قام مسكن الوحدة فلا تعتبروا بعضكم البعض غرباء.”

                                              الكتب المقدسة لدى البهائيين

يعد “الكتاب الأقدس” هو أم الكتاب في الديانة البهائية وكتبه بهاء الله ويضم التشريعات البهائية والتعاليم والأحكام الدينية والفضائل والسلوكيات الإنسانية والمبادئ الروحية والأخلاقية.

وتنقسم أحكام الكتاب المقدس لدى البهائيين إلى ثلاثة أقسام أولها ينظم علاقة الإنسان بربّه، وثانيهما مما ينتفع به الفرد بشكل شخصي، وثالثهما عن علاقته بالمجتمع.

ويضم الكتاب أربعة أبواب، باب للعبادات مثل الصوم والصلاة والحج، وباب للأحوال الشخصية من زواج وطلاق، وباب للوصايا، وباب الأوامر والنواهي.

وفي هذا الشأن يقول بهاء الله: “إنّ المسائل الكليّة الّتي هي أساس شريعة الله منصوص عليها في الكتاب، أمّا الفروع فمرجعها إلى بيت العدل. والحكمة في ذلك أنّ الزّمان لا يبقى على منوال واحد، فالتّغيّر والتّبدّل من خصائص ولوازم الإمكان والزّمان والمكان. ولهذا يتولّى بيت العدل إجراء ما يقتضيه الحال.”

أهم الأحكام الواردة في الكتاب المقدس لدى البهائيين

لقد قام شوقي أفندي بتعريف الحدود وتطبيقها، ومن بعده تولى بيت العدل المهمة، وكانت أهم الأحكام في هذا الكتاب تتعلّق بالأمور التالية:

  • الدعاء والمناجاة.
  • الصلاة.
  • الصيام.
  • الزواج.
  • الطلاق.
  • الطهارة وأحكامها.
  • التعايش مع الأخرين.
  • العفّة.
  • الشورى.

ومن الكتب الأخرى التي تتمتع بالقداسة لدى البهائيين كتاب اليقين، والبيان العربي، والبيان الفارسي، والكلمات المكنونة، وكتاب عهدي، وألواح الوصايا لعبد البهاء، وخطب عبد البهاء، ومفاوضات عبد البهاء.

الأماكن المقدسة للبهائيين

أهم الأماكن المقدسة للبهائيين هي ضريح بهاء الله في مدينة عكّا، وضريح السيد علي محمد الباب في مدينة حيفا.

التقويم البهائي

للبهائيين تقويم خاص يعتمد على دورة الشمس ينقسم فيه العام إلى 366 يومًا للسنة الكبيسة و365 يومًا للسنة البسيطة، وينقسم العام البهائي إلى 19 شهرًا في كل شهر 19 يومًا، أما الأيام الأربع الباقية في العام فتعرف بأيام الهاء، وتأتي قبل شهر الصيام.

تبدأ السنة البهائية في يوم الاعتدال الربيعي أي يوم 21 مارس من كل عام، وهذا اليوم هو يوم عيد للبهائيين ويعرف أيضًا بيوم النيروز، ويبدأ اليوم البهائي من الغروب وحتى غروب اليوم التالي.

أماكن تواجد البهائيين في العالم

تشير التقارير الدولية إلى أن أكبر تجمعات لمعتنقي الديانة البهائية في العالم هي في شبه القارة الهندية، وفي باكستان وبنجلادش وسيريلانكا، ووصل تعداد البهائيين في العالم الى 6 مليون بهائى. 

ومن الدول الأخرى التي يتواجد فيها البهائيين، البحرين التي وصلت إليها الديانة البهائية عن طريق أبو القاسم فيضي، وهو بهائي فارسي لقبّه شوقي أفندي بإسم “فاتح الجزيرة العربية الروحي”.

والبحرين دولة ذات غالبية مسلمة، لا يبدي البهائيون فيها معتقداتهم على الرغم من إيمانهم بالإسلام وبالنبي محمد وبالقرآن الكريم وتقديسهم للمقدسات الإسلامية، وذلك لأن من صميم عقيدتهم عدم التدخل في شؤون الحكم وعدم التحدث بما لديهم من معتقدات فهي شأن خاص بهم.

البهائية فى مصر 

لا تخلو مصر أيضًا من البهائيين فقد مرّ بها بهاء الله عند الذهاب إلى منفاه في عكا عن طريق البحر، ومنذ ذلك الحين اعتنق بعض المصريين الديانة البهائية، وعاد بهاء الله إلى مصر في عام 1910 ميلادية، حيث اقام في مدينة بوسعيد مدة شهر، وكان عازمًا على الذهاب إلى أوروبا عن طريق الإسكندرية، ولكن توعكت صحته فلم يتمكن من السفرومكث في الإسكندرية عامًا كاملًا.

بعدها عاد بهاء الله إلى عكا، ثم زار الإسكندرية في العام التالي ومنها سافر إلى نيويورك التي وصل إليها يوم 12 مارس عام 1912 ميلادية، ثم زار أوروبا وعاد إلى بورسعيد مرة أخرى في يونيو 1913 ميلادية.

وتعد مصر أول من أعتبر الديانة البهائية ديانة مستقلة عن الإسلام والمسيحية رسميًا بحكم قضائي ، وكان ذلك في مايو 1925 ميلادية، ولقد تأسس المحفل الروحاني المحلّي للبهائيين في الأسكندرية عام 1924 ثم تأسس المحفل الروحاني المركزي لمصر والسودان عام 1928 واعترفت به الحكومة المصرية عام 1934 ميلادية.

اغلاق المحافل البهائية 

في عام 1960 ميلادية صدر قرار جمهوري بإغلاق جميع المحافل البهائية في مصر، وعانى بعدها أتباع هذه الديانة من المطاردات والاعتقالات، كما أبطلت عقود زواج بعض منهم، ولكن في عام 2009 تمكن البهائيون من الحصول على شهادات ميلاد تحمل علامة “-” في خانة الديانة واعتبروا ذلك بمثابة إنجازًا كبيرًا لهم.

عارض الأزهر الديانة البهائية واعتبر كل من يعتنق أفكارها أوالأفكار البابية كافرًا.

أشهر الشخصيات البهائية في العالم العربي

من أشهر الشخصيات البهائية في المجتمع المصري كان الفنان التشكيلي حسين بيكار الذي كان صحفيًا وشاعرًا ورسّامًا موهوبًا.

وتعرّض بيكار للإعتقال في عام 1985 ميلادية بسبب اعتناقه للبهائية وبعد الإفراج عنه شنت الصحافة حملة كبيرة عليه وتم إيقاف مشروع سينمائي كان يريد به تسجيل إنجازاته الفنية والحديث عن حياته الخاصة، وتوفي بيكار في عام 2002 ميلادية.

يقول بهاء الله: “ولا يصل الطالب إلى هدفه إلا إذا ضحى بكل شيء. أي كل ما رآه وسمعه وفهمه من قبل، لا بد أن يضيع كل شيء، حتى يتمكن من دخول عالم الروح ، الذي هو مدينة الله.”

————————————————

المصادر

https://www.bahai.org/ar/

 

 

إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.