الهندسة المقدسة الكونية

0

ترجع الهندسة المقدسة الكونية كما يشير اليها اسمها الى أزمان بعيدة جدا حتى بداية خلق الكون .
وتتخذ المعاني والرموز المقدسة أشكالًا وأنماطًا هندسية، ما يعني أن تطبيقات المبادئ الرياضية تتداخل ويمكن أن تؤثر فى تكويننا الروحى .

ولنفهم كيفية عملها بشكل أفضل قبل تطبيقها على الهندسة المعمارية والموسيقى يجب أن نفهم أولًا النسبة الذهبية ، وتسلسل فيبوناتشي.

النسبة الذهبية وتسلسل فيبوناتشي

النسبة الذهبية Golden Ratio وتعرف أيضًا بالجزء الذهبي والمتوسط الذهبي والمعامل الذهبى والنسبة الإلهية وغيرها من التعريفات ، وهى واحدة من أهم أشكال الهندسة المقدسة الكونية .  

وهى تتحقق عندما يكون مجموع عددين مقسوم على أكبرهما يساوي خارج قسمة أكبر العددين على أصغرهما.
أي أنه توجد كميتان في النسبة الذهبية إذا كانت  نسبتهما هي نفس نسبة  مجموعهما إلى أكبر الكميتين.
يتم الحصول على الرقم والنسبة من خلال تسلسل فيبوناتشي، حيث تظهر الأرقام بشكل طبيعي في الحياة من حولنا.

وتعرّف النسبة الذهبية الرياضية بكونها ذات طبيعة مقدسة وذلك بسبب تكرار ظهورها في الكون فى شكل ترددات .

ولأن المبتكرين استلهموا الطبيعة في أعمالهم العظيمة وإبداعاتهم المعمارية والموسيقية واللوحات الفنية والتصميمات المرسومة وغيرها من الأعمال ، ظهرت في أعمالهم تلك النسبة الذهبية التي جعلت أعمالهم أكثر جمالا وابهارا .  

متتالية فيبوناتشي   Fibonacci numbers

هى تسلسل للأرقام يعتمد على أن الرقم يساوي مجموع الرقمين السابقين له، وبذلك يكون التسلسل كالآتي: 0، 1، 2، 3، 5، 8، 13، 21، وهكذا وتكون المعادلة كالتالي: Xn = Xn -1 + Xn – 2 

ويعتقد أن تسلسل فيبوناتشي أُكتُشف بواسطة “ليوناردو بيسانو بوولو Leanardo Pisano Bogollo” الملقب باسم فيبوناتشي.

وهو عالم رياضيات إيطالي ولد في عام 1170 ميلادية تقريبًا، إلا أن ذلك محل خلاف لأن هذا التسلسل الرياضي ظهر في النصوص السنسكريتية القديمة التي كانت تستخدم نظام الأرقام الهندية – العربية قبل وجود هذا العالم الأيطالي بقرون.

وكان فيبوناتشي قد استخدم هذا التسلسل لدراسة طريقة تكاثر الأرانب، حيث تبدأ بذكر وأنثى، ثم ينتج عنهما وليدين، ثم ينتج الأرنبان إثنين آخرين وهكذا يصبح لدينا نموذجًا على تسلسل فيبوناتشي.

تترتب البذور في زهرة عباد الشمس أيضا في نمط نموذجي يشرح تسلسل فيبوناتشي، فهي تتبع قاعدة 1، 2، 3، 5، 8، 13، 21، 34، 55، 89، 144، وهكذا.

الهندسة المقدسة الكونية
بذور زهرة عباد الشمس تمثل تسلسل فيبوتشانى

الهندسة المقدسة في العمارة

إن تسلسل فيبوناتشي والنسبة الذهبية تتواجدان في كل مكان في الطبيعة بداية من قشرة نوتيلوس  وهو كائن من أقدم المخلوقات المعروفة يرمز للنمو والتوسّع والتجدّد وله قشرة حلزونية دقيقة التكوين ، وترتيب بذور عباد الشمس داخل الزهرة، وفي أقراص العسل ذات الشكل السداسي.

ولقرون طويلة كانت هذه الهندسة تطبق على المعابد والنصب التذكارية، مثل الأهرامات في مصر، ومعبد بارثينون في أثينا، وهي بنايات مثالية في أبعادها ويتم تنظيم واجهاتها من خلال المثلثات الذهبية، حيث يتم ترتيبها وفقًا للنسبة 4:9 على الأجزاء الرأسية والأفقية في معبد بارثينون، وكذلك على المسافة بين الأعمدة.

وتعد الكنيسة الرومانية الكاثوليكية المعروفة باسم “ساجارد فاميليا Sagrada Familia” الموجودة في مدينة برشلونة الإسبانية والتي بناها المهندس المعماري “جودي Gaudi” نموذجًا رئيسيًا على تنظيم النسب في جميع الأقطار والصفوف والأعمدة التي لها نفس المجموع، وهو في هذه الحالة يساوي 33، وفي الآونة الآخيرة طبّق المعماريون هذا النموذج في بناء العمارة الحديثة ومنها بيت فارنسورث فى بيتسبورج بالولايات المتحدة الأمريكية ، ومشروع إيدن بالمملكة المتحدة، ومبنى الأمم المتحدة بنيويورك، وغيرها.

الهندسة المقدسة في الطبيعة

الهندسة المقدسة الكونية
الهندسة المقدسة فى الطبيعة مثل الأصداف

إن الطبيعة هي مجال واسع يتمثّل فيه تسلسل فيبوناتشي والنسبة الذهبية، كما هو الحال في رقاقات الثلج، وزهرة عباد الشمس، والأصداف، والنباتات، وخلايا النحل، والحمض النووي، والمجرات، وريش الطاووس، وقرون الخروف، وتصميم شبكة العنكبوت، ونبات الكرنب وغيرها، والأمر هنا لا يقتصر على الشكل الجمالي فحسب، بل هو وظيفي أيضًا.

الحمض النووي

يقال إن الهندسة المقدسة هي المخطط الأساسي لكل شئ من حولنا، وبالتالي يعتبر الحمض النووي الذى يمثل مخطط الحياة الخاص بنا، ممثلا للهندسة المقدسة ببنيته الحلزونية المزدوحة لذلك فهو الأمثل لفك الشفرة الوراثية من حيث أن معرفة تسلسل خيط واحد يخبرنا بتسلسل الخيط التالى .

رقاقات الثلج

تتمتع رقاقات الثلج بأشكال وأحجام متنوعة إذا نظرت إليها من الخارج، أما إذا فحصت بنيتها الأساسية ستجد أنها منتظمة وتأخذ الشكل السداسي، فهي تتبع النسبة الذهبية وتبدأ من مركز صغير ثم تتطور إلى أنماط أكبر تنمو بشكل متطابق.

المجرّات

الهندسة المقدسة الكونية
تكوين المجرات مبنى على أشكال الهندسة الكونية

تعد المجرّات النموذج الأضخم لتطبيقات النسبة الذهبية، فهناك مجموعات نجمية تتخذ الشكل الحلزونى، وتتكون المجرة الواحدة من عدد معين من الكواكب متنوعة الحجم، ولها تركيبات كيميائية مختلفة، ولكنها تنتظم معًا مكونة ذلك الشكل الحلزونى . ان هذا النموذج الكونى تجسيد للقول المأثور “كما فى الأعلى يوجد فى الأدنى “.

النباتات

زهرة عباد الشمس نموذج للنسبة الذهبية

يمكن ملاحظة النسبة الذهبية في النباتات بوضوح، فالأزهار والفاكهة والأوراق كلها نسخ مثالية للنسبة الذهبية، فكل نبات ينمو على الأرض وفقًا لقاعدة فيبوناتشي، فهو يبدأ نموه من مركز صغير ويتحرك النمو إلى الخارج وفقًا لتسلسل فيبوناتشي، ومن ذلك الورود والصنوبر وعباد الشمس وهي أمثلة قليلة جدًا بالنسبة لما هو موجود في الطبيعة بالفعل.

 

الهندسة المقدسة في الفن

الموسيقى

من المثير للدهشة أنه بإمكاننا سماع الهندسة المقدسة وليس فقط رؤيتها، فهي موجودة في الموسيقى، وتجعلها تثير الفرح والهدوء والسعادة في النفوس، إن مجموعة من النوتات الموسيقية يمكن أن تصنع صوتًا متناغمًا منسجمًا، فإذا ما تخلل هذا التناغم نغمة واحدة خاطئة يمكن أن تفسد هذا التناغم بشكل كامل، وبرغم اننا جميعا نعلم بنظرية ” فيثاغورث ” الا ان الكثيرين يجهلون أنه طبق نظريته على الموسيقى أيضا .ان مقياس فيثاغورث قد تم تصميمه بناء على أخماس متناسقة، ويعد هذا المقياس في الوقت الحالي هو أصل الموسيقى الحديثة.

ولقد عثر “إريك رانكن” المخرج والمنتج المعروف على رقم تردد يقول أن له تأثيرًا كبيرًا في إحداث التناغم الصوتي هذا التردد هو 432 هيرتز ولقد ظلّ هذا التردد الصوتي حجر الزاوية لضبط النغمات الموسيقية في القرن العشرين حيث يتم تسجيلها بتردد 432 هيرتز، وبعد ذلك تم تطوير هذا الرقم ليكون 440 هيرتز، ويقول المنتقدون لهذا التردد الأخير أنه كان أحد الوسائل النازية لزيادة العدائية لدى الناس وإثارتهم ، لكن لا يوجد أي دلائل علمية تدعم هذا الافتراض.

وقد استخدم موتزارت وهو أحد أشهر الموسيقيين فى العصر الحديث الهندسة المقدسة في موسيقاه ومن أعماله التي تتجلى فيها تلك الهندسة ” زواج فيجارو” و “الفلوت السحري” واستخدم الموسيقى الشهير ” باخ”  تسلسل فيبوناتشي، وكلاهما  يعطى شهادة على تجلى قوه الهندسة المقدسة فيما قدما من موسيقات ، لأن أعمالهم الموسيقية بقيت خالدة لا تبلى مهما مرت عليها السنوات، ومازالت تثير إعجاب من يستمع إليها.  

الفن

إن الهندسة المقدسة لا تستخدم في الموسيقى فحسب، بل لها تأثيراتها البديعة في الفنون الأخرى، ويقال أن دافنشي استخدم النسبة الذهبية في لوحته الشهيرة الموناليزا.

استخدام النسبة الذهبية فى تصميم الموناليزا

فقد استخدم حُجرة الكاميرا المظلمة لتخطيط الصورة وضبط النموذج الذي يريد رسمه قبل أن يشرع في التنفيذ، وهذه الحجرة المظلمة يوجد بها عدسة صغيرة أو فتحة تساعد على عرض الصورة في الجانب الآخر وتعرف أيضًا باسم “القمرة المضاءة camera lucida”.

استخدم “ساندرو بوتيتشيلي” النسبة الذهبية في لوحته الشهيرة “ولادة فينوس” حيث تتطابق أبعاد اللوحة مع النسبة الذهبية، مع وجود اختلافات بسيطة، لأن القياسات لم تكن موحدة خلال فترة عمله.

لوحة ولادة فينوس

وتشير بعض الدراسات إلى أن “مايكل انجلو” استخدم أيضا النسبة الذهبية أثناء قيامه برسم سقف كنيسة “سيستين” حيث تتجلى النسبة الذهبية بوضوح في رسم “خلق أدم” و”عار نوح” على سقف الكنيسة التي توجد في الفاتيكان أفقيًا ورأسيًا وفي رسم إبني نوح. وجميع اللوحات هناك مقسمة إلى مثلثات ذهبية، ما يجعل التناغم يسود تلك اللوحات المذهلة.

ومن الفنانيين الآخرين الذين استفادوا من النسبة الذهبية ” جورج سورا”  و ” إدوارد بورن جونز”  و” كازيمير ماليفيتش” على سبيل المثال لا الحصر.

————————————–

المصادر :

https://www.amazon.com/s?k=crystal+grids&ref=nb_sb_noss_2

https://www.shreeyantraindia.com/

httpandalas.com/2017/11/02/draw/s://100m

إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.