التنويم المغناطيسى هو حالة من النشاط الذهني المفرط تصل بالإنسان إلى أعلى درجات التركيز ، حيث يكون في هذه الحالة أكثر قابلية للتخيل ويتقبل الإيحاءات، بالرغم من أن الناس تعتقد أن الشخص المنّوم مغناطيسيًا هو شخص فاقد للوعي.
إلا إنه في حقيقة الأمر يكون قد وصل إلى أعلى درجات الوعي. وعلى الرغم من عدم تصديق الكثير من الناس في صحة وجود التنويم المغناطيسي، إلا أنه حقيقة واقعة ويتم استخدامه على نطاق واسع في تقليل الشعور بالألم، والتخلص من مشاعر القلق والاكتئاب، وهو يحسن من أعراض فقدان الذاكرة المصاحبة للتقدم في العمر.
نبذة تاريخية
التنويم المغناطيسى له تواجد تاريخي يمتد لمئات السنين، فهو أشبه بحالة من النشوة يصل إليها الناس من خلال بعض الممارسات التعبدية والتأمّلية، ولقد وصفه ابن سينا الطبيب الفارسي في عام 1027 ميلادية في بعض مؤلفاته، وظهر التنويم المغناطيسي بشكله المعروف في القرن الثامن عشر على يد الطبيب الألماني “فرانز ميسمر Franz Mesmer” وقد سمي التنويم المغناطيسى على إسمه في بداية ظهوره حيث كان يعرف باسم “مسمريزم Mesmerism” واعتبر ميسمر أن التنويم المغناطيسى هو عبارة عن طاقة غامضة تنتقل من الممارس إلى الشخص المراد تنويمه، ومن بعده استكمل الراهب الكاثوليكي “آبي فاريا” العمل على التنويم المغناطيسي مستندًا على فكرة أنّ عمله يعتمد على قوّة الإيحاء.
وخلال وقت قصير انتشر التنويم المغناطيسى في الأوساط العلمية والطبية وكان أول منشورعلمي له في دورية طب الأعصاب عام 1843 ميلادية وكتب هذه الورقة البحثية العالم “جيمس برايد” ولقد ربط بين ممارسة التنويم المغناطيسى والتأمّل الهندوسي المعروف، واعتبره من الممارسات الروحية التي لها تأثيرات بيولوجية وفسيولوجية، كما أنه ضمّن دراسته نص فارسي قديم يعرف باسم “مدرسة الأديان” كان يحتوي على طقوس مشابهة.
سيجموند فرويد
درس عالم النفس االشهير سيجموند فرويد طريقة التحليل النفسي باستخدام التنويم المغناطيسي، وكان من أكثر المتحمسين لفكرة استرجاع الذكريات المكبوتة بتلك الطريقة، واعتبرها أحد أهم وسائل التنفيس عن المشاعر الداخلية.
ولقد كتب مقالا مفصّلا عن التنويم المغناطيسي وترجم أحد أعمال “هيبوليت برنهايم “Hippolyte Bernheim الطبيب الفرنسي الأشهر في مجال العلاج الايحائى باستخدام التنويم المغناطيسي إلى اللغة الألمانية. ولم يكتف فرويد بذلك ولكنه نشر دراسة مشتركة مع زميله جوزيف برويرعن علاج حالات الهيستريا باستخدام التحليل النفسي بالتنويم المغناطيسي، ولكن لم يحصل أحد من تلامذته على التأهيل المناسب لاستكمال ما بدأه، واكتفوا بالتحليل النفسي التقليدي.
أنواع التنويم المغناطيسي
هناك أنواع محدودة من التنويم المغناطيسي المعروفة أهمها:
التنويم المغناطيسي الموجّه
للوصول إلى هذه الحالة يتم الاستعانة ببعض الأدوات الخاصة مثل أنواع معينة من الموسيقى أو تعليمات مسجّلة، وهذا النوع منتشر للغاية ويمكن الحصول عليه من خلال تطبيقات الهاتف المحمول والمواقع الإلكترونية.
العلاج بالتنويم المغناطيسي
وهو من أنواع العلاج النفسي المعتمدة، حيث يمارسه الأطباء النفسيون المرخصون، ويعالجون به اضطرابات ما بعد الصدمة، وبعض أنواع القلق والاكتئاب، واضطرابات الشهية، واعراض انقطاع الطمث، ويستخدم على نطاق واسع في إدارة الألم.
التنوم المغناطيسيً ذاتيًا
وهي تقنية يمارسها الإنسان ذاتيًا للتغلّب على الشعور بالألم والتخلص من الإجهاد.
استخدامات التنويم المغناطيسي
يتجه بعض الناس للعلاج بالتنويم المغناطيسي للتخلص من الآلام المزمنة. أو ألم ما بعد إجراء الجراحات، أو الام الولادة.
ومازالت الأبحاث جارية من أجل استخدام هذه التقنية في الكثير من التطبيقات الآخرى، وأهم استخدامات التنويم المغناطيسي في الطب الحديث هي:
- السيطرة على الألم خلال إجراءات علاج الأسنان.
- تخفيف الألم الناتج عن متلازمة القولون المتهيّج “القولون العصبي”، وهي مشكلة شائعة يتم علاجها بالأدوية المخدرة، وحاليًا تم إقرار العلاج بالتنويم المغناطيسي كإجراء بديل في المستشفيات.
- علاج أعراض انقطاع الطمث مثل الهبّات الساخنة، وهو من العلاجات التي تم إقرارها طبيًا كبديل أكثر أمنًا عن العلاج الهرموني.
- شفاء بعض الأمراض الجلدية بشكل نهائي أو التقليل من أعراضها مثل مرض الثآليل والصدفية.
- التحكم في أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، وهي مشكلة يعاني منها الكثيرمن الأطفال.
- تخفيف الألم المزمن الناتج عن التهابات المفاصل الروماتيزمية.
- خفض أعراض الغثيان والقيء لدى مرضى السرطان خلال العلاج الكيميائي.
- الحد من التدهور الذهني الناتج عن التقدم في العمر.
كما يفيد أيضا فى :
- تقليل آلام الولادة سواء قبل أو خلال أو بعد عملية الولادة.
- المساعدة في علاج حالات الإدمان.
- تحسين اضطرابات الشهيّة.
- الإقلاع عن التدخين.
- انقاص الوزن .
- شفاء التبول اللاإرادي.
- علاج اضطرابات النوم.
- التخلص من العادات السيئة بوجه عام.
- إطلاق القدرات الإبداعية الفنيّة والرياضية.
كيف يعمل التنويم المغناطيسي
يحرر التنويم المغناطيسي الوعي الداخلي لدى الإنسان ويجعله يدرك أشياء قد لا يدركها بوعيه اليقظ.
كما أنه يحرّك لديه ذكريات وأحداث مؤلمة يحجبها العقل ، على الرغم من أنه تتم ترجمتها كمشكلات نفسية وسلوكية وجسدية.
إنه يسمح لك برؤية الأشياء بشكل مختلف ويساعدك على التحكم في الألم بشكل أفضل، وهناك طريقتان للعلاج بالتنويم المغناطيسي: العلاج بالإيحاء والعلاج بالتحليل.
العلاج بالإيحاء
إن حالة التنويم المغناطيسي تجعل الإنسان أكثر استجابة لما يقال له من مقترحات.
ويمكن استخدام تلك الخاصية في تعديل بعض السلوكيات الضارة، مثل التدخين، أو الإفراط في تناول الطعام، أو مشكلة قضم الأظافر.
وهذا النوع من العلاج مفيد أيضًا في تخفيف الألم.
التحليل النفسي
وفي هذه الحالة يقوم المعالج بتوفير حالة من الاسترخاء الكامل للمريض والعمل على سبر أغوار العقل الباطن للوصول إلى جذورالمشكلة التي يعاني منها الفرد ومعرفة أسباب ما يعانيه من اضطرابات كما هو الحال لمن يعانون من آثار صدمات الماضي.
الشفاء بالتنويم المغناطيسي
لتحقيق الشفاء الفعّال والدائم باستخدام التنويم المغناطيسي يجب أن يصل الممارس إلى العقل الباطن للمريض.
وأن يؤثر على ما لديه من مشاعر وأحاسيس وما لديه من ذاكرة وخيال وحدس، وما يعتمل بداخله من غرائز، ويكون لديه القدرة على تنظيم الوظائف اللاإرادية للإنسان.
إنه يتعامل مع ذلك الجزء من العقل الذي ترتكز فيه الأحلام، والذي يفتح السبيل أمام العقل المتفوّق ليعبّر عن نفسه بحرية.
وهو وسيلة الإنسان لاختبار العالم من حوله، وبالتأثيرعلى ذلك الجزء يمكن إجراء التحوّل المطلوب والحصول على الشفاء.
الولوج للعقل الباطن
إن الوصول إلى العقل الباطن للإنسان هو عملية معقّدة ولكن التنويم المغناطيسي ييسر من رحلة الوصول إليه وفك طلاسمه.
وهو حالة تتجاوز الوعي المتعارف عليه، وهناك تدريبات يخضع لها الممارس من أجل معرفة الطرق التي عليه استخدامها لإيصال الناس إلى حالة التنويم المغناطيسي وإحداث الأثر المطلوب ثم إعادة الناس إلى حالة الوعي المعتادة مرّة آخرى.
الآلام المزمنه وعلاج الادمان
يستخدم التنويم المغناطيسي في علاج الآلام المزمنة، بتغيير عتبة الألم، أي النقطة التي يشعر عندها الإنسان بالألم.
وكذلك يغير من الارتباطات النفسية للألم، ويمكن استخدامه في تحسين ثقة الإنسان بنفسه، وفي التغلب على الإدمان وغيره من العادات السيئة.
كما يساعد في التخلص من اضطرابات القلق والشهية وأنواع الرهاب المختلفة، ويمكن معه تغيير الأفكار السلبية والأنماط العاطفية الغير مرغوب فيها.
اضافة الى أنه يمكن به دفع الموهوبين رياضيًا وفنيًّا لتقديم أعلى درجات الأداء، والوصول لأرقى درجات الإبداع.
وأكثر وسائل العلاج بالتنويم المغناطيسي نجاحًا هي العلاج الإيحائي، حيث يقوم الممارس في بيئة علاجية باخضاع المريض للتنويم المغناطيسي ، ما يتيح له الوصول إلى العقل اللاواعي، والذي يمثل 90% من عقل الإنسان الكلي تقريبًا.
فيتم التأثير عليه لإحداث تغيير إيجابي في حياة الفرد، وهناك أشخاص أدمنوا التدخين حتى وصل استهلاكهم لأكثر من علبتين يوميًا .
لكنهم بعد الخضوع لجلسات التنويم المغناطيسي شعروا بأنهم لم يدخنوا أبدا وأنهم ليسو بحاجة إلى هذا الشئ المقزز المسبب للمرض.
وهناك أشخاص عانوا من القلق والاكتئاب وضعف الثقة بالنفس، وخرجوا من جلسات العلاج بالتنويم المغناطيسي أكثر ثقة بالنفس وأكثر حيوية وإقبالًا على الحياة.
حقائق وأكاذيب حول التنويم المغناطيسي
بسبب الجو الغامض الذي يحيط بالتنويم المغناطيسي، تنتشر حوله الكثير من المغالطات، فيعزف بعض الناس عن الخضوع له على الرغم من فوائده العديدة، ومن ذلك اعتقاد البعض بأنه يسلبهم إرادتهم الحرّة، ويجعلهم يفعلون أشياء لا يرضون عنها، والحقيقة أن التنويم المغناطيسي لا يمكن أن يدفع شخصًا لفعل شئ خارج معتقده الشخصي.
وعلى سبيل المثال إذا حاولت إقناع شخص يرفض شرب الخمر تحت تأثير التنويم المغناطيسي بشرب كأس منه، سيرفض ذلك.
وعلى الجانب الآخر، إذا كان هناك شخص يريد الإقلاع عن التدخين ولكنه لا يتمتع بالإرادة الكافية لتحقيق ذلك في حالته الواعية يمكن تحت تأثير التنويم المغناطيسي إقناعه بالإقلاع عن التدخين للأبد.
فهو يعرف مضاره، ويريد التوقف عنه فعليًا ، لكنه بحاجة إلى الحافز الداخلي الذي يمكن للممارس أن يمنحه إياه بالتنويم المغناطيسي.
استخدام التنويم المغناطيسى فى الولوج للحيوات السابقة
من وسائل العلاج بالتنويم المغناطيسي الأكثر فعالية طريقة استدعاء ذكريات الحيوات السابقة.
فوسط ضجيج الحياة اليومية، وما يتعرّض له الإنسان من أحداث، يتناسى وجود أي أثر لهذه الحيوات السابقة على الرغم من أن ما مرّ به من تجارب تظل عالقة بذهنه، وتحدث تأثيرات كبيرة في شخصيته قد لا يدركها بعقله الواعي.
وخلال جلسة علاج بالتنويم المغناطيسي يمكن إعادة هذه الذكريات إلى الوجود وسيساعدك ذلك على تحقيق التالي:
- إعادة التواصل مع ما لديك من تجارب في الحيوات السابقة.
- استكشاف التجارب التي قمت بها خلال رحلاتك السابقة في الحياة، ومعرفة توأم روحك الموجود في الوقت الحاضر.
- معرفة ما إذا كانت الأمراض التي تعاني منها في الوقت الحاضر هي آثار لمشكلات وقعت فيها خلال الحيوات السابقة.
- استكشاف الأحاسيس والعواطف التي كانت لديك في الحيوات السابقة والتي انحدرت معك في حياتك الحالية بما فيها من مخاوف وبواعث قلق أو معتقدات لا يمكنك فهم خفاياها في الوقت الحالي، وستنجلي أمام عينيك أسبابها بوضوح.
- الخروج بنتائج إيجابية مما تعرضت له من تجارب سابقة والانتفاع بخلاصة تجاربك الحياتية وأخذ العبرة منها.
إن هذه التقنية العلاجية هي أسرع وسيلة للوصول إلى جذور المشكلة التي تعاني منها، وحلها على الوجه الأمثل.
فهي وسيلة فعّالة لإحداث تغيير دائم في حياتك، وبعد إجراء الجلسات التي تمتد لحوالي 20 – 30 دقيقة ستشعر بالتغير إلى الأفضل، وبأنك أحسن حالًا، وستلمس بنفسك التغيير العميق والجذري الذي سيتحقق لك من الداخل إلى الخارج.
——————————————————-
المصادر:
https://www.verywellmind.com/what-is-hypnosis-2795921
https://www.verywellmind.com/what-is-hypnosis-2795921
https://www.webmd.com/mental-health/mental-health-hypnotherapy#1-2
https://www.hypnotherapy.com/articles/2016/6/20/the-transformational-nature-of-hypnotherapy
https://www.thehealthy.com/alternative-medicine/benefits-of-hypnosis/
https://www.healthline.com/health/mental-health/self-hypnosis#how-to-try