سوامى فيفكاناندا من الأزمة الروحية الى الصحوة الروحية
ولد ناريندراناث دوتا في يوم الثاني عشر من كانون الثاني (يناير) عام 1863 لعائلة بنغالية أرستقراطية في مدينة كلكتا، المعروفة حاليًا باسم كولكوتا وقد عرف فيما بعد بالمعلم الروحى سوامى فيفكاناندا.
تشكّلت شخصيتة من خلال أسلوب والده الليبرالي في التفكير، وروحانية والدته المتدينة.
وتخرّج من كلية بريزيدنسي – كلكتا. عرف سوامى فيفكاناندا بذكائه الحاد ، كما شارك في العديد من الأنشطة الرياضية ومنها كمال الأجسام والجمباز.
وكان قارئًا شغوفًا ، اطلع على الكثير من الكتب الشرقية والغربية ومنها الكتب المقدسة للديانة الهندوسية وكتب الفلسفات الغربية.
في مرحلة لاحقة من حياته ، عانى سوامي فيفكاناندا من أزمة روحية فقد وقع في حالة من الشد والجذب بين التعاليم الدينية الروحانية التي نقلتها إليه أمه وما اطلع عليه من أراء وأفكار فلسفية مثل كتابات يوهان جوتليب وديفيد هيوم..
وبسبب هذا الصراع الداخلي بدأ في التساؤل عمّا إذا كان الله موجودًا!
اتبع فيفكاناندا حركة بارامو Bhramo الروحية التي كانت تؤمن بإله واحد كلّي للوجود، قادر على كل شئ.
إلا أنه ظل حائرًا يبحث عن إجابات لأسئلة داخلية عن وجود الله . وفي أحد الأيام التقى بأحد المعلمين الروحيين يعرف باسم (شري راماكريشنا Sri Ramakrishna) .
كان ذلك في مقر إقامته بمعبد داكشينوار كالي فسأله السؤال الذي اعتاد أن يطرحه على القادة الروحيين:
هل رأيت الله؟ لم تكن إجابة سري راماكريشنا مرضية بالنسبة له في حينها ، ولكن مع الوقت بدأ يستوعب هذه الإجابة.
لقد فهم أخيرًا المعنى العميق للإجابة التي كانت كالتالي: نعم، لقد رأيت الله ، أراه كما أراك هنا. بشكل أكثروضوحًا يمكنك رؤية الله والتحدث معه ، ولكن من يهتم بالله؟
إن الكثير من الناس يذرفون الدمع على زوجاتهم أو أطفالهم أو ممتلكاتهم وثرواتهم ولكن من يبكي على رؤية الله ؟ إذا بكى المرء بصدق على الله فبإمكانه أن يراه.
لم تتوقف قصة سوامي فيفكاناندا عند هذا الحد ولكن عندما اضطر لإعالة والديه وإخوته ماليًا سأله سري راماكريشنا أن يصلي لله لإعطائه الثروة.
لم يفعل فيفكاناندا ذلك، ولكنه توجه إلى الله بالدعاء بأن يمنحه الحس الأخلاقي وأن يعفيه من طلب الحاجات الدنيوية والأشياء المادية.
وبفضل يقظته الروحية تحقق له أخيرًا ما أراد وذلك في عام 1886. فبعد وفاة شري راماكريشنا بعد معاناه مع سرطان الحلق ، انتقل تلامبذه ومنهم سوامي فيفكاناندا للعيش في مكان يدعى (راماكريشنا ماث Ramakrishna Math) .
وفي عام 1887 قرروا جميعا التخلي عن الروابط الدنيوية ، والعيش بقية حياتهم كرهبان.
نعمه الحكمة الفذة
في ذلك الوقت لقّب ناريندراناث دوتا باسم (سوامي فيفكاناندا) التى تعنى ” نعمة الحكمة الفذّة ” وعاش الرهبان جميعًا على ما كان يصل إليهم من صدقات.
سافرسوامي فيفكاناندا لاحقًا عبر شبه القارة الهندية وتعلّم الكثيرعن الحياة الصعبة التي كان الناس يعيشونها ، كما تعلم المزيد عن الدين .
وتعهّد بمساعدة الناس خلال أوقات الشدّة . وفي وقت لاحق سافر إلى مدينة شيكاغو الأمريكية لحضور البرلمان العالمي للأديان الذي أقيم في عام 1893 .
وخلال المؤتمر تحدث عن فسلفة توحيد الذات العليا (advaita Vedanta) التي تشرح تعاليم معلمه الراحل سري راماكريشنا.
وفي عام 1894 أسس جمعية (فيدانتا Vedanta) في مدينة نيويورك الأمريكية.
تعاليم سوامي فيفكاناندا
عاد سوامي فيفكاناندا إلى مسقط راسه بمدينة كلكتا في عام 1897 حيث أسس بعثة راماكريشنا وكان يدعو إلى عبادة إله واحد وكان يعتبر أن للأديان جميعًا هدف مشترك وهو الترنم بحمد الله. ولقد علّمنا أن علينا أن نحب جيراننا ونحترمهم ونخدمهم ، فجميعنا نضم بين جوانحنا نفحة من روح الله ، وهو ما يجب أن نحترمه في الآخرين . وفيما يلي بعض تعاليمه:
- إن البحث عن الله ليس سهلًا ، ولذا علينا أن نثابر في البحث ، فما سوف نحصل عليه من معرفة الله يستحق العناء.
- كل منا يحمل بذرة الاهية بداخله.. لذلك لا ينبغي أن نتعرف على ماهية أى انسان فقط بصفاتها البشرية .
- بما أن الله بداخلنا ، فهو بداخل الآخرين أيضًا.
- يجب أن نتوكل على الله بالكليّة.
- إذا عبدنا الله بكل ما فينا من وعي وجسد وروح فسيمهد لنا الله السبل كى ندرك حضوره.
- إن أفكارنا ترتبط بقوه بأفعالنا ، لذلك إذا اعتقدنا أننا ضعفاء فسنكون ضعفاء ، والعكس صحيح ، إذا اعتقدنا أننا أقوياء فسنكون أقوياء.
- وانسجامًأ مع هذا المفهوم الذى يؤكد قوه الفكر، يقول فيفكاناندا أنه بغض النظرعن عدد من نؤمن به ونصلي له من آلهة فانه إذا لم يكن لدينا إيمان فسوف نهلك.
- من تعاليمه أيضًا المحبة ومساعدة الغير ونبذ الكراهية وعدم الغش.
أشهر أقوال سوامي فيفكاناندا
- الدين الأعظم هو أن تكون صادقًأ مع طبيعتك ، آمنوا بأنفسكم.
- كل قوى الكون هي ملكنا بالفعل ، نحن من وضعنا أيدينا أمام أعيينا ثم بكينا من الظلام .
- أعظم خطيئة هي أن تعتقد أنك ضعيف.
- يمكن التعبير عن الحقيقة بآلاف الطرق المختلفة ، ومع ذلك تبقى كل واحدة منهم صحيحة.
مؤلفات سوامى فيفكاناندا
كتب سوامي فيفيكانادا حوالي 20 كتابًا ، خمسة منها تحمل عنوان “كارما يوغا Karma Yoga” كما تم نشر كتبه “راجا يوجا Raja Yoga” ومحاضرات من كولومبيا إلى ألمورا – ألمورا مدينة هندية – وكتابين آخرين وهو مازال على قيد الحياة ، ثم نشرت كتبه الخمسة عشر الآخرى بعد وفاته.
وفاه مبكرة
توفي سوامي فيفكاناندا عن عمر يناهز التاسعة والثلاثين في الرابع من يوليو عام 1902 وكان في غرفته في معبد “بيلور ماث Belur Math” .
ويعتقد أنه وصل إلى حالة تعرف باسم “ترك الجسد بوعي وعمد mahasamadhi” وحرقت جثته بحسب التعاليم الهندوسية في نهرالجانجا مثل معلمه “سري راماكريشنا”.
وفي الوقت الحالي تدير إرسالية راماكريشنا ” دار سوامي فيفكاناندا للتراث والمركز الثقافي” .
حيث يقدمون دورات لتعليم اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية ، ودروسًا فى الكمبيوتر ، وخدمات إغاثية وطبية وخدمات للشباب ، وخدمات روحية ، وغيرها الكثير.
المصادر :
https://en.wikipedia.org/wiki/Bibliography_of_Swami_Vivekananda