استكمالا للحوارات مع أرواح منتقلة متعددة لتوضيح مبادىء الثواب والعقاب ، تم التواصل مع بعض أرواح المجرمين القتلة من قبل وسطاء روحيين فى الجمعية الروحية بباريس للتعرف على أحوالهم فى عالم الروح.
روح ” لومير ” Lemair
حكم عليه بالأعدام على المقصلة فى 31 ديسمير 1857 . حضرت روحه وكانت واحدة من أرواح المجرمين القتلة فى الجمعية الروحية الباريسية بعد تنفيذ الحكم بحوالى شهروكان هذا الحوار:
– ماشعورك الآن لرؤيتنا .
الخزى والخجل .
– هل حافظت على ادراكك حتى اللحظة الأخيرة وكيف شعرت لدى تنفيذ الحكم ؟
شعرت بألم واضطراب شديد ، ثم رأيت شيئا لاأعرفه يتدحرج تحت المقصلة ودم يسيل جعلنى أتألم أكثر .
– هل كان ألمك جسديا كألم بتر عضو مثلا ؟
لا بل ألم روحى ومعنولى عظيم لايطاق ووخز شديد للضمير.
– متى بدأ الأحساس بالالم المعنوى ؟
منذ تحررت من جسدى .
– هل الجسد هو من تألم بعملية التنفيذ ؟
جسدى تألم وأيضا شعرت بألم هائل ينفذ داخل روحى .
– هل شاهدت جسمك وهو مبتور الرأس ؟ وهل أثر فيك هذا المنظر ؟
شاهدت شيئا غير محدد وهو يغادرنى وقد أحسست بألم داخلى رهيب ومكثت بعض الوقت مستغرقا فيه.
بعد انفصال رأسى عن جسدى
– قيل ان الجسد يحيا لبضع لحظات بعد فصل الراس وأن من يقتل يحتفظ بادراكه .
قد انسحبت روحى تدريجيا ولكن للأسف فقد طال وقت الأنفصال بسبب حبى للحياه وتعلقى بها .
– هل اجتمعت بشركائك الذين قتلوا معك على المقصلة ؟
كان اجتماعنا مؤلما وتعذيبا مستمرا لنا فكل منا كان يلقى باللوم على الآخر .
– هل ترى ضحاياك ؟
نعم ، اراهم طول الوقت ، تطاردنى نظراتهم التى تنفذ الى أعماقى و أحاول الهرب منهم .
– كيف يشعرون نحوك ؟ هل هم فرحون لقصاص السماء ؟
كلا ، انهم يشفقون على .
– هل تشعر منهم بالحقد تجاهك والرغبة فى الأنتقام ؟
مطلقا ، انهم يطلبون لى العفو و المغفرة .
– هل أنت آسف الآن ، وهل كان الشر طبيعه فيك أم قادتك اليه ظروف حياتك .
كنت شخصا شريرا بطبعى اذ كنت فى الأصل روحا سفلية وأردت أن أرتفع من خلال حياه أرضية ولكنى استسلمت
لغواية الشيطان . لم أستطع أن أتقدم ولم يكن بمقدورى أن أكون انسانا صالحا بل شخصا ضعيفا وعاجزا عن مقاومة شرور نفسه.
– هل كنت تؤمن بالله أثناء حياتك ؟
كلا .
– هل ندمت ساعه التنفيذ وأدركت وجوده ؟
نعم آمنت بالاله ، ارتعبت روحى و خشيت عدالته .
الاتصال بآخر من أرواح المجرمين القتلة
كانت هذه الروح تسكن منزلا فى قرية ” كاستلنودارى ” وتسبب المشاكل لقاطنى المنزل .
طلبت هذه الروح بجمعية باريس فحضرت وأظهرت نفسها بطريقة عنيفة ولم تتجاوب مطلقا فى ان تعطى أى معلومات .
تقول روح القديس ” لويس ” Saint Louis ” انها من أردأ ارواح المجرمين القتلة ، لكننا لا نستطيع بأى حال اجبار أى روح على التواصل .غير أن أشد الأرواح التواء بامكانها أن تتقدم ، فلترجئوه الآن ولتدعوه ثانية بعد بضعة أشهر حتى تروا التغيير الذى يمكن أن يكون قد طرأ عليه .
بعد مرور ثلاة أشهر
دعيت الروح للحضور فى نفس الدائرة الروحية فبدت وكأنها أسلس قيادا ، وأظهرت الأستسلام والتوبه .
من هذه الروح وماذا فعلت ؟
هى روح رجل طعن شقيقه بسكين أثناء نومه ، وبعد عدة سنوات طعن زوجته بنفس الطريقة لشكه بوجود علاقه بينهما وانتهت حياته فى عمر الثمانين دون أن ينكشف امره أو تطاله يد العدالة .
كيف شوهد فى الدائرة ؟
شاهده وسيط الجلاء البصرى فى شكل مخيف ، يحمل خنجرا ويده ملوثه بالدماء .
صف لنا كيف أنت الآن ، هل أنت سعيد ؟
اننى أتعذب وأنا مسجون فى هذا المنزل . ان صور ضحاياى أمام عينى طول الوقت و مشهد القتل لا يفارق عينى . اننى أتألم لأننى أعيش طول الوقت فى نفس لحظة ارتكابى لجرائمى . توقفت الروح عن الكتابه ولم تستطع استكمال التحدث.
طلب من روح القديس لويس أن يصف حال هذه الروح الشقية فأفاد :
انه عذاب قاس أن تظل روح هذا الأنسان مسجونه فى البيت الذى ارتكب فيه جرائمه . ولأنه من أرواح المجرمين القتلة فان مشاهد القتل التى ارتكبها تطارده . هو أيضا ممنوع من الأتصال بأى روح أخرى ، وعندما يسمح له بارتياد الفضاء أحيانا فانه يهيم فى ظلام دامس . ياله من عقاب اليم للروح ، العزلة ، السجن والظلام ، انها بعض عذابات أرواح المجرمين القتلة.
هل من وسيله لاخراجه من المنزل ؟
نعم ، بالصلاه المستمره فقط . ان معظم الناس يهملون هذه الوسيله ويكتفون بمحاولة طرد مثل هذه الأرواح الشريره بالشتم وعبارات الطرد مثل اخرجى أو كذا ، مثل هذه العبارات لا تعبأ لها الروح بل تستهين بها .
ماذا عن الوقت هل بضعة شهور من الألم وقت كاف أم أن عذابها سوف يطول ؟
انها روح سفليه غير متطورة ، لذلك فان اليوم الواحد بالنسبة لها يمر طويلا ثقيلا خصوصا وأنها تتألم . أما الأرواح المتطورة فان الزمن لا يعنى لها شيئا وقرن بالنسبة لها كمثل نقطة فى الأبدية .
ما السبب فى شده ظلاميه هذه الروح الشقية ؟
كان لها وجود سابق بين أشد الشعوب توحشا وهمجيه .
بعد عدة أشهر تمكنت الدائرة من دعوه الروح مره ثالثة ، وفى هذه المره كانت الروح أكثر تجاوبا
لماذا لم تتمكن من الكتابة عندما طلبناك من قبل ؟
لم أكن أرغب فى ذلك .
هل تشعر الآن بأى تغيير ؟
أشعر أنه بدا لى بعض الأمل . الوسيط يراه بدون خنجر . ان بامكانى الآن أن أغادر هذا المنزل اذا أردت وأن ارتفع فى الهواء ولكنى مازلت فى الظلام يقتلنى وخز الضمير. اننى أشعر بجسامه أخطائى لكن لدى بعض الأمل ، وهأنذا أستطيع التحدث اليكم.
هل ترى نهاية لآلامك ؟
لقد عرفت بسبب تدخلكم أن عذابى لن يدوم للأبد . وأنا أشكركم على أن أفهمتومونى وساعدتمونى بصلواتكم .
تعليق القديس لويس
ان حضور هذه الروح وقبولها التحدث كان فيه افادتها ، وهذا ليس مصادفة ، فان الأرواح المرشده الساهرة على تقويمه هى من ساعد على حضورة ومكنه من التحدث وذلك عندما رأت أنه بدأ يدرك جسامه أفعاله وأن اللحظة قد أتت لتقديم المساعدة له .
وبسؤال القديس ” لويس” عن الأرواح الأخرى المتألمة .. ماذا يحدث لها ان لم يستدعها أحد ويتكلم معها . فقال أن طرق الله لنجده مخلوقاته لا تحصى ، وان هذا الأتصال الذى تم وصلواتنا من أجل هذه الروح ما هى الا واحد من هذه الطرق . تذكروا أن الصلاه الجماعية دائما مفيده لكل الأرواح المذنبه خصوصا تلك الغير عنيدة والقابلة للتوبة .
ان الله قد فتح بامكانية حدوث هذا الاتصال بين العالمين لتلك الأرواح بابا من أبواب الرحمه ، كما أعطى للأحياء أيضا فرصه لعمل الخير . فما من خير أفضل ولا أعلى من محاولة رفع ألم أو معاناه عن روح شقية من ارواح المجرمين القتلة بتقديم الدعاء المخلص والصلاه لها من القلب فالصلاه تأثيرها عظيم ما كانت باخلاص وتركيز ومحبه.
ان الأتصال بالأرواح لم يعد ينظر له كخرافه وجهل وأنما عمل من أعمال البر يثاب عليه الأنسان فهو لكل نفس مازالت حيه فى وجودها الأرضى فرصه للفهم والدراسه ، وللمنتقلين طاقة نور ونافذه أمل لدعمهم بالتحدث اليهم كيما يتسع ادراكهم ووعيهم بأخطائهم ومساعدتهم بذلك على بداية التوبة ، وأيضا بالصلاه المخلصه الصادقة التى حتما تساعد الروح كى تتقدم .
المراجع : كتاب ” الأرواح” – ألان كاردك رئيس الجمعية الباريسية للدراسات الروحية
كتاب “الأنسان روح لا جسد” – د. رءوف عبيد – أستاذ القانون الجنائى الأسبق – جامعه عين شمس.
