الحضارة الاغريقية حضارة عريقة نشأت شمال شرق البحر الأبيض المتوسط منذ القرن الثامن قبل الميلاد، وانتهت عام 600 ميلادية تقريبًا.
ولقد ضمت مجموعة متنوعة من الثقافات، وشعوبًا ذات عرقيات ولغات وعقائد مختلفة، توحدت مرة واحدة تحت قيادة “الإسكندر الأكبر” بين عامي 336 – 323 قبل الميلاد.
ونشأت المدن الإغريقية في الظهور بعد انهيار الدولة الميسينية التي ازدهرت في العصر البرونزي بثلاثة قرون تقريبًا، وبدأت في التوسع واستعمار مساحات شاسعة من العالم القديم.
ولقد تمكن الإسكندر الأكبر من تحقيق انتصارات واسعة ونشر الحضارة الهلنستية من غرب البحر المتوسط وحتى أسيا الوسطى.
وانتهت الفترة الهلنستية بغزو الرومان لشرق المتوسط، ، وكان للفلسفة اليونانية تأثيرًا كبيرًا على الثقافة الرومانية وكانت أساسًا غنيًّا بنيت عليه العلوم والفنون ونظام الحكم والفلسفة لدى الرومان.
نبذة تاريخية
بدأت اليونان في استعادة شتاتها بعد انهيار الدولة الميسينية واندثار لغتها ومعارفها، فتبنى اليونانيون الأبجدية الفينيقية، ثم أدخلوا عليها بعض التعديلات ليصنعوا أبجديتهم الخاصة.
ولقد عثر العلماء على أواني فخارية من القرن الثامن قبل الميلاد نقشت عليها هذه اللغة البدائية.
تكونت الحضارة الاغريقية على مجموعة من الجزر، أقامت كل جزيرة وأرض منفصلة منها نظام حكم ذاتي خاص بها.
نشوب حرب ليلانتين
واستمر الحال على ما هو عليه وحتى نشبت حرب “ليلانتين” في الفترة من 710 – 650 قبل الميلاد.
وكانت أهم هذه المدن التي تتمتع بالحكم الذاتي مدينة إسبارتا التي ضمت العديد من فلول ميسينيا المنهزمين، الذين تقشفوا وتعلموا القتال للدفاع عن أنفسهم سواء من كان منهم غنيًا أو فقيرًا.
الأمر الذى أدى لتلاحمهم ونسيان الفروق الاجتماعية. وساعد ذلك على استقرار المجتمع اليوناني، وبعد أن استقرت الأوضاع تأسست العديد من المدن الهامة مثل أثينا وإسبارتا وكورنثيوس وطيبة، وتحولت إلى قوة إقليمية وبحرية وتجارية هامة.
ولقد طوّر اليونانيون نظام حكم ووضعوا دستورًا للبلاد، ومجموعة من القوانين المُنظّمة للمجتمع، ووضعوا نظامًا ضريبيًا.
وكانت كل مدينة من مدنهم محمية بإله من آلهتهم أو مجموعة ألهة، وكانت “أثينا” آلهة الحكمة والقوه والحرب هى الحامية لمدينتى أثينا وإسبارتا.
الزراعة أهم ثرواتهم
اعتمد اليونانيين القدماء بشكل كبير على الزراعة وكانت الأرض الزراعية من أهم ثرواتهم، ولقد انقلبوا على الحكم الوراثي في العديد من المدن .
ولكن سيطر الأرستقراطيون على الحكم وعلى الأراضي الخصبة وادعوا أنهم ينحدرون من نسل الألهة فنشب صراع طويل بينهم وبين الفقراء امتد لفترات طويلة.
وقد أدى ذلك إلى نزوح الكثير من اليونانيين إلى المناطق المجاورة بحثًا عن الأراضي الصالحة للزراعة.
فنشأت العديد من المستعمرات وصل عددها بحلول نهاية القرن السابع قبل الميلاد إلى 1500 مستعمرة.
بدأت هذه المستعمرات في تصنيع الفخّار والأقمشة والنبيذ والأشغال المعدنية، إلا أن الطبقية عادت لتطل من جديد بوجهها القبيح، وأثارت الفروق الطبقية الضغائن .
الأمر الذى جعل عامة الشعب يثور على حكم الأوليجاريك الذين استأثروا بالثروة والأراضي الخصبة، ولقد استعان الشعب بالعساكر المدرّبين “الهوبليت” الذين تولوا الحكم فيما بعد.
لكنهم كانوا لا يختلفون كثيرًا عن الأوليجاريك، فقد استأثروا بالثروة، وعلى الرغم من أن هؤلاء حاولوا تنفيذ بعض الإصلاحات وقاموا بإنشاء المجاري المائية النظيفة للمدن ووضعوا نظامًا للمقاييس والموازين.
الا ان حكمهم لم يدم ، طويلًا فبعد سلسلة من الإصلاحات السياسية تحوّلت اليونان إلى نظام ديمقراطي بمعنى نظام “حكم الشعب”.
إنجازات الحضارةالاغريقية
كانت الحضارة الاغريقية متفوقة على مستوى الأدب والفلسفة وفنون العمارة والنحت .
وقد كتب الشاعر الملحمي هوميروس “الإلياذة” و “الأوديسّة” وقام النحاتون بإنتاج الكثير من التماثيل المتقنة الصنع، كما أحرز علماء الرياضة تقدمًا كبيرًا على صعيد الحساب والقياسات والرياضيات الآخرى.
وابتكر “أناكسيماندروس” نظرية الجاذبية التي اقترح فيها لأول مرّة أن الأرض تطفو بقوة الجذب المتبادلة بينها وبين الكواكب الآخرى.
كما كتب “زينوفانز” دراسات عن الحفريات، واكتشف “فيثاغورث” نظريته الشهيرة عن الطفو. (https://www.famousscientists.org/anaximander/)
الاختراعات
أحرز اليونانيون القدماء تقدمًا كبيرًا على مستوى التكنولوجيا، فلقد اخترعوا المسامير، والمطاحن الدوّارة، وتقنيات صبّ البرونز.
كذلك ، اخترعوا الساعة المائية، والمنجنيق المائل، وقاموا بتشغيل بعض الألات بالبخار.
كما أنهم طوروا فنون المساحة والرياضيات، وكانت اختراعاتهم مستوحاة من البيئة ومن حاجاتهم اليومية ومن حاجتهم لتطوير أساليب الحرب.
المجاري المائية فى الحضارة الاغريقية
مدّ اليونانيون القدماء القنوات المائية واستخدموا المياه الجوفية.
وكان لديهم نظام صرف أمطار وصرف صحّي، وحماية من الفيضانات، وبنوا النوافير والحمامات والمرافق وأماكن الترفيه المائية.
التعدين
كان لليونان مناجم غنية بالفضّة وغيرها من المعادن التي كانوا يستخرجونها ويصهرونها ويصبونها بحسب الأغراض المستخدمة فيها.
كما قاموا بالإتجار بها واستخدموا الموارد في تحسين أحوالهم، وقاموا بصك العملة.
ومن الاختراعات الآخرى
- لولب أرشميدس، أو المضخة اللولبية وهي آلة تستخدم في ضخ الماء من القنوات المنخفضة للأرض تستخدم في الري.
- الشوارع: فهم أول من عمل للطريق حرمًا عامًا بين المباني وجعله منفعة عامة.
- علم الخرائط: لقد قاموا بوضع أساس علم رسم الخرائط وقاموا برسم الخرائط الورقية التى استخدمت فى الملاحة .
- علبة التروس: وتستخدم في الألات الميكانيكية.
- الفرجار: وهو أداة قياس هندسية معروفة.
- السقف الخشبي: وهو إطار هيكلي لدعم الأسقف وتقويتها.
- الرافعة: وهي أداة لرفع الأثقال يستخدم فيها الحبال والسلاسل.
- الميزان: وهو رابط ميكانيكي يستخدم في الساعات الميكانيكية لضبط الوقت.
- القفل المعدني: وهو أداة الغلق المعروفة التي يستخدم لها مفتاح خاص لفك جانب منه.
- الترس: وهو جزء من الألات له أسنان مدببة، تندمج مع غيرها.
- نظام السباكة: وكان له استخدامات واسعة في المنازل وأنظمة الصرف والري.
- السلالم اللولبية.
- تخطيط المدن.
- الونش.
- الدُش.
- التدفئة المركزية.
- جهاز رفع وخفض القوارب.
- تخطيط وافتتاح قناة السويس القديمة فى عهدى الأسكندر الأكبر وبطليموس الثانى .
- المنارات.
- العجلة المائية.
- جرس الإنذار.
- عداد المسافات.
- محرّك السلسلة: وهو وسيلة لنقل القوة الميكانيكية من مكان لأخر. يعمل في الدراجات ويربط بين العجلات.
- المدفع ذو العيار : ويستخدم في الحروب ويطلق مقذوفات كيميائية متفجرة.
- الطاحونة المائية أي التي تعمل بقوة دفع الماء.
والعديد من الابتكارات التي نقلت البشرية لعصر التكنولوجيا ويسرّت الحياة.
الديانات والعقائد عند قدماء اليونانيين
إن كل ما نعرفه عن الأساطير اليونانية القديمة والآثار اليونانية الشهيرة كان له خلفية عقائدية عند قدماء اليونانيين .
ويمثل المعبد الإغريقي المعروف باسم “البارثينيون” الذي كان مخصصًا لعبادة أثينا، والموقع الآثري في مدينة “ديلفي” الذي يضم معبد أبولو ، والألعاب الأوليمبية نفسها التي أقيمت لتمجيد زيوس بعضا من مظاهر تغلغل تلك الخلفية العقائدية.
كما كان ألهة الأوليمب الإثنى عشر هم جوهر نظامهم العقائدي، إضافة إلى بعض الألهة الذكور والإناث المحليين.
وهؤلاء الألهة هم: زيوس، وهيرا، وبوسديون، وديميتر، وأثينا، وأبولو، وأرتميس، وآريس، وأفروديت، وهافايستوس، وهيرميس، وهيستا، وديونيسيوس.
كيفية أداء العبادات
لقد كانت العبادة جزءا هاما من الحياة اليومية لليونانيين القدماء، وكان بداخل كل بيت مذبح مخصص للإلهة “هستيا” .
وكانت تسمى بحسب الثقافة الأغريقية القديمة ” آلهة موقد النار العذراء ” ولقد كانت الأسر تحتجز جزءا من عشائها لهذه الإلهة قربانًا لها.
اعتاد اليونانيون أيضا الذهاب إلى المعابد وكان لكل معبد آلهته كما هو الحال في معبد البارثينيون المخصص لعبادة أثينا.
ومعبد بوسيدون المخصص لعبادة بوسيدون، وكانت الألعاب الأوليمبية القديمة التي تقام سنويًا جزءًا من هذه العبادات، فهي ممارسة مخصصة لزيوس.
طرق أداء العبادات
فى الحضارة الاغريقية ، كانت الممارسات التعبديّة لقدماء اليونانيين تتضمن سرد القصص والملاحم والأساطير والحكايات التي كانت تحكي عن نسب الألهة ونظامهم .
مثال لهذه الحكايات قصّة “ثيوجيني” لمؤلفها “هيسيود” والذي كان يكتب الأشعار أيضًا عن الحياة الريفية وبداية الخلق.
كما كان يشرح كيف ظهرت ألهة الأوليمب إلى الوجود. وكان اليونانييون يقدمون الأضحيات والقرابين للألهة ويتمتعون بحرية فى أداء العبادات.
ألهة الأوليمب
لقد كان لألهة الأوليمب تسلسلًا هرميًا فكان زيوس على قمّة هذا الهرم، على الرغم من أنه ليس مثاليًا، وكان لكل إله السيادة على جانب من جوانب الحياة .
وعلى سبيل المثال:
- زيوس: إله السماء الذي يرسل الرعد والبرق
- بوسديون: البحر والزلازل
- هاديس: الموت والعالم السفلي
- هيليوس: الشمس
- أفروديت: الحب والجمال
وكان للألهة شكل بشري فى الحضارة الاغريقية ، على الرغم من قدرتهم على التحوّل لأي شكل آخر يريدونه، ويمكن أن يتزوجوا من البشر وأن ينجبوا منهم الأطفال.
وكان الآلهة يختلفون ويتحالفون، ويرتبط كل إله بمنطقة من المناطق، فعلى سبيل المثال :
- الألهه أثينا: أثينا
- الآله أبولو: ديلفي وديلوس
- الآله زيوس: أوليمبيا
- الآلهه أفروديت: كورنيث
ولكن كانت حريّة عبادة أي إله آخر في نفس المدن متاحة ، كما كانت مدنًا آخرى تعبد آلهة اليونان.
فكان بوسيدون يعبد في إثيوبيا وآريس في مدينة تراقيا، وكان إسم الإله أحيانًا يطلق على ألهة مختلفة.
فكانت “أرتميس” التي تعبد في إسبرتا على أنها إلهة الصيد العذراء، تختلف عن “أرتميس” التي كانت تعبد في مدينة أفسس على أنها إلهة الخصوبة.
الحياة الآخرة فى الحضارة الاغريقية
آمن الأغريق القدماء بأن الناس تذهب بعد الموت إلى عالمين :
العالم السفلي الذي كان يحكمه “هاديس” شقيق زيوس، وأطلق إسم “هاديس” على مكان في الجحيم.
وكذلك الى “تارتاريوس” وهو مكان يعذّب فيه الملعونون، و العالم العلوى الذى كان يطلق عليه “إليسيوم” وهو مكان الفاضلين حيث يعيشون فيه حياة خالدة .
ومن هؤلاء أخيل وألكمين وبيليوس وغيرهم من أبطال حربي طروادة وطيبة.
ولقد آمن بعض الفلاسفة مثل أفلاطون وفيثاغورث بإعادة التجسّد، ولم يتوافق الكثير من اليونانيين مع هذا الطرح، واعتقد “أبيقور” أن الروح ذرات تتفكك بعد الموت وتندثر.
——————————————-
المصادر
https://www.history.com/topics/ancient-history/ancient-greece
https://en.wikipedia.org/wiki/Ancient_Greek_technology
https://www.greekboston.com/culture/ancient-history/religion/