هذه المقالة هى مقتبسات ملخصة من كتاب التبت فى الحياه والموت ، هو كتاب سوف تقرأه باهتمام وامعان شديدين لأنه ثرى بتعاليم روحية وانسانية وومضات معرفيه عن حدث الوفاه وكيف نستعد لما بعد الموت ويوضح الأهمية البالغة لهذه المرحلة .
به ومضات تلمس جوهر حياه الأنسان ، من أين أتينا والى أين نحن ذاهبون ، مصير الأنسان وماذا علينا أن نفعل فى دنيانا .
الكتاب كانت له ردود أفعال كبيرة عند الاف القراء من أعراق وجنسيات وديانات مختلفة رأوا فيه انه لا يدعو للتخلى عن عقيده أو دين وفى نفس الوقت لا يتحيز لفكر أو مذهب معين ، بل يلقى الضوء على خبايا كثيرة متصلة بعالم الروح وكبف نستعد لما بعد الموت . نذكر هنا مقتطفات من هذا الكتاب القيم.
نمط الحياه الذى نعيشه
انه برغم من ان معظم التعاليم فى كل الديانات تشير لوجود حياه بعد الموت وأن الوفاه ليست نهاية المطاف الا أن المجتمعات الحديثه مستمرة فى تعظيم المنهج المادى وان الحياه الدنيا التى نعيشها هى كل شىء وتجاهلوا تماما أو تناسوا مرحلة ما بعد الحياه وكيف نستعد لما بعد الموت وهوأمر فى غاية الأهمية .
خداع الحياه المعاصرة
ما تتعرض له البشرية الآن ما هو الا خدعة كبرى وهو ما يتم الترويج له وهو التركيز فقط على الحياه المادية دون التفكير فى مصير الروح الخالد فيما بعد هذه الحياه القصيرة .
ان نمط الحياه المعاصرة انما هو نمط خاطىء تماما ، لأن الأنسان أصبح يملأ يومه بعشرات المهام والأعمال والأشياء والاحتياجات التى جعلته عبدا للمحافظة عليها وتنميتها لدرجة أن هذا المسلك صار هو الهم الأكبر لمعظم الناس ، وبالتالى ترك الأنسان سنوات عمره الثمينه تمضى بلا قيمة ولا معنى سوى جمع مقتنيات مادية فقط سيتركها عندما يغادر جسده المادى ولن يكون لها أهمية مطلقا فى حياه الروح الأبدية.
هذا النمط الحياتى للأسف يقود الأنسان دون أن يشعر لمزيد من الأنانية والكراهية والأنقسام والتعصب والتدمير للبشر .
للأسف كل المدارس وأماكن التعليم والتثقيف أصبحت حريصه على تعليم ابنائها كل شىء وأى شىء من العلوم الحديثة ما عدا العلوم اللى تحمل مفاتيح التنوير والمعرفة العميقة تجاه الهدف والمعنى الحقيقى للحياه والوجود وكيف نستعد لما بعد الموت.
اذن لماذا هذه العلوم مهمه ؟
لأن ايمان الأنسان بوجود حياه كامله مؤكده بعد مفارقة الجسد يخلق لديه نظرة مختلفة تماما للحياه ويشكل فارقا كبيرا فى حياته وشخصيته وتوجهاته وأفعاله ويجعله يهتم حتى بأفكاره ونواياه . ليس هذا فقط ، بل أن حياه عالم المادة تتضاءل فى عينه وتظل تتضاءل وتتضاءل حتى تتخذ حجمها الطبيعى الذى تستحقه.
كيف نستعد لما بعد الموت
لعله يتحتم على كل نفس أن تستعد لما بعد الحياه وتستغل كل لحظة فى العمر لاعلاء شأنها وارتقاءها فى الحياه الأبدية لأن هذا هو قمه الفطنة والحكمة والذكاء الروحى والأنسانى .
فى كل دقيقة نحياها فى عالم المادة نحن نتعلم ونتطور ويزداد وعينا وبالتالى أفعالنا وتوجهاتنا وكلما ارتفع الوعى كلما نمت قدرتنا على مواجهة اللحظة التى نعيشها وصارت سهلة ومريحه لأننا عندئذ لن نشعر اننا ضيعنا فرصة الحياه الثمينة دون عمل.
لابد ان ندرك ونتاكد أن الموت والحياه كل لا يتجزأ وأن ما درج على تسميته “الموت” ما هو الا بدايه لفصل جديد للروح الأزليه فى هذا الوجود الشاسع .
مالذى يموت .. العقل أم الوعى ؟
ان ما يحدث عند لحظة مفارقة الدنيا هو ان العقل المألوف للأنسان يموت بموته ، والمقصود بالعقل هنا هو قطعة اللحم الموجودة فى الدماغ التى يطلق عليها “المخ” . الحقيقة انه بموت هذا الجزء ينفتح العقل السماوى اللا محدود الذى نسميه فى معتقداتنا الغشاوة ” او” الوعى الروحى “.
فهم هذه النقطة مهم جدا لأنه يساعدنا أن نعرف كيف نستعد لما بعد الموت .
فلو أننا اعتقدنا ان عقلنا أو مخنا المحدود هذا الذى مات بموت الجسد ليس بعده شىء وأنه يمثل فناءنا وهو اعتقاد معظم البشر البعيدين عن المعرفة الروحية ، فاننا بالتأكيد سوف نشعر بالخوف ، وهذا الخوف فى حقيقة الأمر هو ما يعوق الروح بعد الانتقال.
الخوف من المجهول
ان فكرة الخوف من المجهول هى فى الحقيقة أساس رعب الأنسان من لحظة مفارقة الحياه . لو لم تكن النفس واعية ومدركة لحقائق رحلة الروح ، فان من المؤكد أنها ستشعر بالضياع وفقدان كل شىء تركته فى الدنيا .
يمكن أيضا ان تشعر بالوحده فى مكان جديد لا تعرف فيه احد وليس لها فيه معارف أو اهل أو أصدقاء. اما ان نفهم ان بعد هذه اللحظة سوف تنفتح لنا نافذه جديدة للعقل بغير حدود فان هذه المعرفة سوف تمنح النفس بالتأكيد ، أى نفس على وجه الأرض المزيد من الطمانينة .
ليس فقط الطمأنينة وانما الأمل فى اشراقه الروح على مجالات أوسع وارقى فى الوجود . وسوف تقوى على الأستعداد لهذا الحدث الفارق فى مشوار الروح السرمدى .
الحدث الذى قد يكون لحظة فرح حقيقية تقبل عليها الروح باطمئنان وبدون انزعاج لكونها سوف تتحرر تماما من قيود الجسد ولكونها سوف تنطلق فى عالم جديد بالتأكيد فيه حياه كاملة ، ربما افضل كثيرا من حياتنا على الأرض مثلما وصفت عشرات الأرواح المنتقله.
سلام أيها المعلمون
عندما نقابل واحدا من الذين يطلق عليهم لقب ” معلم روحى “ سوف يهتز وجدانك ، ويخفق قلبك لأنك ستشاهد بالحقيقة وليس مجرد وصف أو كلمه مكتوبة فى كتاب كل معانى ” الحكمه ” و” اليقظة الروحية” ” والعقل المستنير ” وسوف يكون ذلك متجسدا أمامك فى روح وفكر وتصرفات هؤلاء الحكماء أمثال ساى بابا ، أندرو وايت ، سادجورو ، وأيكهارت تول ، وبرماهنسا يوجاناندا وغيرهم .
ان جهود هؤلاء المعلمين وغيرهم كثيرون فى الشرق والغرب ممن وصلوا ” للأستنارة أو ما نسميه المعرفة الالهية وكتاباتهم أثّرت جدا فى انتشار الفكر الروحى فى الغرب و بلدان كثيرة حتى ان مجموعة كبيرة من المؤلفات التى تتكلم عن علاقة الأنسان بالله وعلاقة الروح بالجسد وكيف نستعد لما بعد الموت ، قد بدأت تأخذ فى الأنتشار الواسع على مستوى العالم وأصبح لها ملايين القراء فى أوروبا وأمريكا وكندا .
السؤال هنا لماذا حدث هذا الانجذاب للعلوم الروحية .. وفى العصر الحديث بالذات ؟
لقد حدث بسبب الأوضاع المؤسفة التى تشهدها البشرية من صراعات وحروب، والحاد ، وانجراف رهيب نحو المادية ما أيقظ فى قلوب وعقول بشر كثيرين ممن وصلت لهم هذه المعارف الرغبة والأرادة لاعادة توجيه دفة حياتهم وأفكارهم وعدم حصرها فى متطلبات وجودهم الفيزيقية والمادية .
ابدأ بنفسك .. اصلح عيوبك
لابد أن نعرف ان عقلنا المحدود جدا وأنفسنا الضعيفة المليئة بالغضب والطمع والغيرة والحسد والخوف هى ما يعوق تقدمنا الروحى ويعرقل فرصتنا الرائعه التى أعطاها لنا الله فى حياتنا الأرضية لمعرفته والوصول لمحبته . وهذا فى الواقع شىء مهم لكل الباحثين عن محبة الله ان يعملوا باجتهاد لاصلاح عيوب الشخصيه من الداخل الظاهرة والباطنة وتوجيه أنفسهم نحو مزيد من النقاء .
التنوير للجميع
لابد أن نكون على يقين من أن الوصول “للأستنارة” أو ” معرفة الله ” ليست حكر أبدا على فئة أو طبقة أو مجموعة من الناس وان كل انسان يمكنه الحصول عليها بممارسه تمارين خاصة والتواجد فى أجواء معينة من تفرغ القلب وصمت اللسان والجوارح ان الشىء المبشر والرائع جدا ان هذه الهبة الربانية متاحه فعلا لكل البشر على كل مستوياتهم واختلافاتهم وأعراقهم .
مبدأ ” التغير وعدم الثبات ”
ان من جواهر الفكر الروحى التى ينبغى أن يعيها كل انسان مبدأ ” عدم ديمومية الأشياء ” . وهو مبدأ أصيل فى المنهج الروحى لكن ماذا تعنى هذه الحقيقة ؟
انها تعنى ان كل شىء فى الوجود عابر ومتغير وينبغى ان نتعامل معه على هذا الأساس . انه مثل السحابة فى السماء ستمر ويأتى غيرها .
ان “التغير وعدم الديمومية” أو الدوام هو سنه كونيه وهذا نشاهده فى حياتنا اليومية دون أن ننتبه له .
فالشمس تشرق ثم تغرب والزهرة تتفتح ثم تذبل ، ونحن أنفسنا ننام وننسحب من الحياه الواعية ثم نستيقظ وكأننا كنا فى عالم غير عالمنا المنظور .
حتى فى العلاقات الأنسانية ما بين الصداقة والزماله والحب ..ناس تذهب وناس تجىء فى حياتنا .
وبنسب كبيرة جدا لا تدوم الأشياء أو العلاقات للأبد . شىء ما يحدث بين الأحبة والأصدقاء ، فتتغير الأمور والمشاعر والتوجهات ما نسميه بعقلنا البشرى المحدود “غدر” أو خيانه ” أو “عدم وفاء” .
ولكن فى حقيقة الأمر أن هذا هو التطبيق الكونى لمبدأ ” عدم الديمويمة “
لماذا مبدأ ” عدم ديمومية الأشياء مهم ؟
لأننا عندما نفهمه جديدا كحقيقة من حقائق الكون الثابته فسوف نطبقه وندمجه فى ممارساتنا اليومية .
سوف نترك تعلقنا بأى شىء مهما كان مهما أو ذو قيمه و نتقبل أى موقف أو حدث يمر فى حياتنا “بالتسليم التام” حتى لو كانت بعض هذه الأحداث مؤلمه أو مؤثره على مشاعرنا أو جارحه لنا وأكبرها “فراق الأحبة” أو” الموت ” .
التعلق سبب شقاء الانسان وتعاسته
سبب آخر كى نطبق المبدأ فى حياتنا هو ادراكنا حقيقة أن تعلق الأنسان بالأشياء على مدى التاريخ هو السبب الأساسى فى تعاسته وشقائه.
فالأنسان يحزن لفقد أى شىء مع أن هذا ضمن السنة الكونية الكبرى التى لابد أن نعترف بها، نستوعبها ونتقبلها كحقيقة دامغة. ان التطبيق الحقيقى لهذا المعنى المهم هو أن نحب الأشياء والبشر ولكن دون ” تعلق “.
فهذا هو ما يضمن السلام للنفس والروح وهو حائط الصد المنيع ضد تأثير مشكلات الحياه ومتاعبها علىنا.
ان تطبيق فكرة الأعتقاد بعدم ديمومية الاشياء يكون بأن ننظر للحياه بكل مافيها على انها ” حلم ” أو كالحلم .
ولكن نمارس ونعيش هذا الحلم بايجابية ، نعامل أخواننا فى البشرية بحب ورحمه ونساعدهم ونتعاطف معهم أيا ماكانت انتماءاتهم أو أعراقهم أو دياناتهم أو جنسياتهم.
لأننا ببساطة وبفهمنا لهذه الحقيقة سوف نرى الحياه مثل أى شىء آخر يجعلنا لا نأسى ولا نحزن على شىء ضمن
” هذا الحلم ” . اذ أننا فى وقت ما سوف نستيقظ منه وهذا واحد من أسس ومبادىء الروحية العظيمه .
كل ما فى الكون طاقة ونحن نؤثر فى الوعى الجمعى
من جواهر الروحيه أيضا ان نفهم ان كل الأشياء تؤثرفى بعضها البعض فى الكون.
هذا الأمر يجعلنا مسئولين عن كلماتنا وأفكارنا وأفعالنا ، فلكل عمل أو فكره طاقة أو ذبذبات مؤثرة فى الكون.
ولأن الطاقة لا تفنى ولكن تتحول و تتغير أشكالها فبالتأكيد سوف نسأل عنها ونتحمل تبعاتها فى دورة حياه ثانيه.
ان البشرية اليوم للأسف غير قادرة على حل مشكلاتها لكونها غارقة فى المادية. لذلك فان وعي الأنسان بأنه ” روح لا جسد ” فى الأساس هو الخطوة الأولى للأصلاح .
وعلى المستوى الشمولى للمجتمعات نحن بالفعل بحاجة لبعضنا البعض وعلينا جميعا واجب مقدس أفرادا وشعوبا مسئولية حماية عائلتنا الأنسانية وشد أزر الضعفاء فيها .
علينا أن نحافظ على البيئة الشمولية التى نعيش فيها جميعا من أجل ان تصبح أكثر عدلا وخيرا وسلاما وأن ننشر المحبة والأيجابية والاخاء الأنسانى ونعمل على نبذ التعصب لأى شىء ليس لنا فيه أى فضل وأوله اختلاف أعراقنا وجنسياتنا ودياناتنا .
