معظم الناس تجد فى عملية التأمل بعض الصعوبة ولكن الحقيقة هى غير ذلك . المديتيشن هو الدخول فى حالة الوعى الصافى وهى ليست صعبة .
انما العكس هو الصحيح فالأصل أن يكون الوعى صافيا ، لكنه دوما مزدحم وملوث بالأفكار والأنطباعات التى تمثل سحب تحجب السماء الصافية.
تماما مثل كوب الماء الذى يكون متعكرا ، لكن الشوائب الموجودة به لا تعنى أنه لا يوجد ماء صافى ونقى فى الكوب .
ولكن تصفية الماء أو الحصول على الوعى الصافى يتطلب من الأنسان جهدا وهذا هو الأمر الصعب وليس عملية المديتيشن نفسها .
لقد أصبحنا مرتبطين وغير قادرين على فك الأرتباط بأفكارنا وأخلاقنا السيئة من الطمع والجشع والشهوة والحسد والغيرة والأنانية .
غير قادرين على ترك ادمان التعلقات الكثيرة التى تشغلنا فى حياتنا اليومية والتى تمثل حجبا كثسفه تحول بيننا وبين الوعى الصافى .
يحيا الوعى عن طريق نقطتين أساسيتين
- تذكر الموت دوما كحقيقة دامغه وعدم ديمومية الحياه والأشياء من حولنا .
- حقيقة مبدأ ” الكارما ” أو السبب والنتيجه ، ومسئوليتنا الكامله عن أفعالنا بغير زياده أو نقصان .
يترتب على استيعاب هاذين المبدأين هو مراقبة أنفسنا بدقة : أفعالنا ، تصرفاتنا حتى أفكارنا .
كذلك الى ان نشتاق لأن تتحرر أرواحنا من المعاناه التى تخلقها الكارما وأفعالنا السيئة التى تعود الينا وتعود على الغير بالضرر.
الى اليقظة التامة ومعرفة أننا لو استمرينا على تلك الأفعال الخاطئة فان أرواحنا أبدا لن تتحررولن نحصل أبدا على نعمة الوعى الصافى,
هذا ما سوف يجعلنا نتغير من الداخل وأن نصحح من افكارنا ومن مشاعرنا السيئة تجاه الآخرين :غيرة – طمع – حسد.
اننا نجد هذه القواعد فى جميع الديانات والعقائد
ان امكانية تطبيق القواعد الأخلاقية مع الصلاه والتأمل هو ما يجعلنا نحصل على التحرر ونصل الى أعلى المقامات .
لكن كيف الوصول ؟ هل هو مستحيل .. الاجابة لا بالقطع.
انما يحتاج الأمر منا الى الوعى والرغبة الصادقة فى أن تصفو أرواحنا حتى تستطيع أن تستقبل المعارف الألهية .
ولكن هناك نقطة مهمه
الا يكون هدف المريد هو فقط الوصول الى النيرفانا أوالمقامات العالية السماوية وأنما أن يكون هدفه هو خدمة الآخرين . العطاء والحب والخدمة للغير هى التى تصل به لدرجة أعلى من النيرفانا . كم هى عدد المرات التى عملنا فيها لخدمة آخرين بخلاف أزواجنا وأسرنا وأبنائنا . لابد أن نحلل اهدافنا وخطواتنا وتوجهاتنا ، ما الذى يجعلنى فعلا أنسان .
اذاكان لديك القدرة والنيه على فعل شىء خير ولكنك لا تقدم على فعله فأنت مخطىء ومذنب ، لأن العبرة بالأفعال وليس فقط بالأفكار . ان 97% من أفكارنا تدور حول أنفسنا ، حول الأنا وليس حول خدمة ومساعده وحب الآخر الذى ينبغى الا يكون من أجل الشهرة أوالحصول على الشكر والأمتنان أو لأن أحدا طلب منا ذلك انما الخدمة والمساعدة الخالصين ، أن نمتلىء بالحب للآخرين وأن نعمل على خدمتهم .
وبالرغم أن هذا يحدث نادرا ، الا أنه يمكن لأى نفس أن تحققه فى هذه الحياه . كل المطلوب أن تخلق لدينا الأراده من خلال وعينا المتقدم لأن نفعل ذلك وأن نتحلل من ارتباطنا وتعلقنا باحتياجاتنا ورغباتنا الناتجه عن حواسنا الخمسة والآشياء السيئة مثل الغضب والحسد والشهوة والتملك ، أن لانستهلك طاقتنا فى شرب الكحوليات ، أو مشاهده التليفزيون أو الشات على وسائل التواصل الأجتماعى أو أنفاق الوقت فى المقاهى ومع الأصدقاء اذ كيف لهذا العقل المزدحم والمشوش أن يرى الله ؟
اننا لن نستطيع أن نصل لمرحلة الوعى الصافى بدون تدخل منا ، بدون ارادتنا ، بدون توجيه عقولنا للأفعال والأفكار الصحيحة.
اذن العمل كله يكون على الوعى ، لكن ما هو الوعى ؟
الوعى موجود فى كل الكائنات فى النبات والحيوان حتى ترى النبات يتكيف بوعيه مع الطبيعة المحيطة به وكذلك الحيوان يتكيف فى مأكله ومشربه ونوازع خوفه والدفاع عن نفسه . حتى أن العلماء أثبتوا أيضا وجود الوعى لدى أدق الذرات فى الوجود ووحدات الطاقة .
الأنسان يعتقد أن لديه أعلى درجات الوعى ضمن باقى الكائنات . ان هذا غير حقيقى فقد ثبت وجود كائنات فى الكون أكثر تقدما فى وعيها من الجنس البشرى .
مستويات الوعى هى مستويات أخلاقنا وأفكارنا
مستويات الوجود جميعها موجودة . هناك المستوى الذى نحن فيه وهو المستوى الأرضى . لسنا نحن فيه وحدنا وانما هو ملىء بالكائنات التى تسبح هنا وهناك ولكننا لا نراها .
أدنى من هذا المستوى من الوجود توجد مستويات أخرى أو ما نسميها ” بالجحيم ” هذا المستوى يعيش فيه أناس مثلنا أمتلأوا بالغضب والحقد والكراهية والشر .هم أناس كالشياطين تماما ولكن فى جسد لحمى ، يمضون كل حياتهم فى القتل والسرقة وارتكاب الجرائم والتخطيط والتآمر لأعمال الشر .هم بيننا ومنهم الآلاف حول العالم ولكنهم يعيشون فى هذه المنطقة من الجحيم اذن الجحيم هو ” حالة من الوعى المتدنى جدا ” ، حالة سيكولوجيه .
وكما أن هناك بشر يعيشون فى حجيم أنفسهم فهناك بشر آخرون لديهم ” وعى راقى ” مرتفع ” يتمتعون بالطهر والنقاء ويقون بخدمة الآخرين ، ولكننا لا نستطيع كثيرا أن نميزهم لكون وعينا نحن أيضا مغلف بأفكارنا ورغباتنا العالقة فينا من غيرة وطمع وشهوه وحسد وأنانية .
باختصار
ان أجسامنا الفيزيقية هى مجرد مركبه تحمل حالة وعينا ، حالة عقولنا ، الحالة السيكولوجية التى نعيشها خيرا كانت أو شرا. اذن الكون ملىء بالكائنات المنظورة والغير منظورة التى تحمل مستويات مختلفة من الوعى .
المهم أنه يمكننا جدا أن نرتقى بوعينا لنصل به الى الدرجات العالية بمراقبه افعالنا وتصرفاتنا وأفكارنا . الموضوع بسيط ، فقط علينا استخدام قوه الوعى لدينا .
ولكن للأسف نحن نترك أنفسنا كما تريد الحياه أن تسيرنا و نمضى نحو تلبية أى رغبة نشعر بها وذلك كل ساعة وكل يوم دون وعى أو فهم حقيقى لهذه المشاعر والرغبات أو تحليلها ودون أن نستخدم” قوه الوعى ” التى منحها الله لكل الكائنات . نفعل ذلك حتى تنتهى الحياه وينتهى العمر الذى يكون قد أضعناه هباء دون تقدم .
خطواتنا لاستخدام قوة الوعى
الأدراك Awarenes
الأدراك هو أول درجات الوعى ومعناه الشعور وفهم الشىء فمثلا اذا دخلت غرفة فانت تدرك الضوء بها والأثاث والناس الموجودين ، هذا هو الأدراك .
الأنتباه Attention
الأنتباه درجة أعلى من الأدراك فمثلا أنت فى نفس الغرفة تشاهد مسلسل تليفزيونى ، اذن فانتباهك موجه لهذا المسسل أو لشخص متحدث فى الغرفة .
التخيل Visualizaiton
وهو عملية مهمه جدا لآنجاح رفع الوعى أثناء التأمل . أن تتخيل ما هو ليس موجودا ، تتخيل بعقك الباطن وليس بحواسك الخمسة .
كيف نوقظ الوعى
اننا نعيش مستويات عالية من الوعى كل يوم دون أن ندرك وذلك عندنا ننام . ان وعينا يغادر جسمنا الفيزيقى وبذهب لعوالم أخرى دون أن ندرك ذلك وكذلك حالة الموت . ان وعينا سوف يخرج من جسدنا عندما يموت الجسد وبذهب لعالم آخر طبقا لمستوى ذبذباته دون أى شعور منا . تماما مثل الولاده فى الجسد التى استيقظنا بها من جديد فى عالم آخر هو ” الدنيا ” . هذا ما أكدته ملايين الأرواح المنتقلة والاف المعلمين الروحيين والقديسين ومن أتوا الينا بالعلوم الباطنية .
اذن نحن باستطاعتنا أن نصل ونحن فى جسدنا الفيزيقى لهذه العوالم الخفية الغير مدركة بحواسنا الفيزيقية ، نعم يمككنا ذلك بالرفع الدءوب اليومى لوعينا . بمراقبة كل أفعالنا وأفكارنا وفلترتها واصلاحها . عندئذ سوف تقوى ذاكرتنا ونتذكر ما يحدث فى أحلامنا وسوف ننتقل ونحن نيام لعوالم عاليه جدا وفق مستوى اصلاح وتقدم وعينا .
الحلم والعمل
نحن جميعا نحلم بأن ندخل ” جنه الله ” ولكن كم منا فى خضم هذه الحياه يعمل من أجل دخول هذه الجنه ، كم منا حقيقة يعمل على رفع ” درجه وعيه ” . ليس مهما أبدا ما نعتقده . اعتقد ماتشاء أنك مسلم وستدخل الجنه بالتوحيد ، أنك مسيحى وستدخل الجنه لأنك من أبناء الله ، أنك يهودى وستدخل الجنه لأنك من شعب الله المختار ، كل هذا لا يهم ، لماذا ؟ لأنه حلم ، أمنيه رغبه لسنا متأكدين وواثقين من تحقيقها فهى مجرد نصوص وتفاسير تم تناقلها عب الأزمنه .
الشىء المؤكد أنه اذا ارتفعت بوعيك من خلال أصلاح عيوب النفس والأخلاق ، فهذه هى البوابة الحقيقية والمؤكدة لدخول جنه الله . وهذا يتأتى فقط بالمراقبة الدءوبه للتصرفات والأفعال والأفكار والنوايا واستخدام التقنيات اللازمه لتحقيق صفاء العقل من أجل استقبال الارشاد الالهى .
العمل فى اللحظة الراهنة .. ليس المستقبل ولا الماضى
لا تضيع وقتك الثمين فى التفكير فى شىء قد مضى أو التفكير فى شىء آت . فقط أعمل على اصلاح نفسك الآن . الآن بمعنى كن متواجدا بوعيك مع كل شىء تفعله لحظة بلحظة دون تباطؤ بمراقبة دقيقة لنفسك ، لخلقك ، لانفعالاتك ، لغضبك ، لكلماتك ، لشهواتك ، لأفكارك التى تحسد أو تغار أحيانا . عندما تأتى لك كن على وعى بها ثم اتركها تذهب .