أقدم الحضارات
تعد الحضارة السومرية من أقدم الحضارات التي نشأت على الأرض حيث بزغ نجم هذه الحضارة من بلاد الرافدين (العراق) على ضفتي دجلة والفرات عام 6000 قبل الميلاد.
وكانت هذه البلاد تدعى “كلدان” أو “سينار” وسيطرت هذه الحضارة على ما حولها من مساحات شاسعة حتى وصلت إلى جبال الهيمالايا ونهر الجانج “نهر الهندوس المقدّس” وغرب نهر النيل.
غير ان سومر تعرضت سومر لهجمات متكررة من قبل القبائل السامية حتى سقطت في يد “سارجون العظيم” مؤسس الأمبراطورية الأكادية عام 2350 ق.م
هذه الامبراطورية اشتملت على بلاد ما بين النهرين والأناضول.
ومع ذلك فقد توحدت بلاد سومر مرة آخرى على يد “حمورابي البابلي” صاحب “قانون حمورابي” الذي ينظّم هجرة الشعوب خلال فترات الكوارث.
اكتشاف الحضارة السومرية
ولقد كُشف النقاب عن هذه الحضارة العظيمة عام 1843 ميلادية ورفعت بعثات التنقيب عن الآثار بقيادة العالم الفرنسي “إيميلي بوتا” النقاب عن قصر الملك “سارجون الثاني” بالقرب من منطقة “خورساباد”.
اضافة الى ذلك ، تم الكشف عن بقايا المدن والقصور السومرية، وأعداد ضخمة من الألواح الطينية التي سجّل فيها السومري كل ما يتعلق بحياته من نشاطات.
إنجازات الحضارة السومرية
تميّزت الحضارة السومرية بالتقدم المذهل في علوم الفلك والطب وتمكنوا من وضع أول نظام كتابة معروف .
كما وضعوا نظامًا في إدارة الدولة يتضمن الضرائب والقوانين الإصلاحية وقاموا بصك العملة وكانت لهم نظريتهم في نشأة الكون.
اللغة السومرية
كتب السومري على الألواح الطينية التي كانت تجفف بعد الكتابة وتحرق وتحفظ،.
ولقد طوّر السومريون الكتابة “المسمارية” التي كان لها دورًا كبيرًا في تطوّر البشرية على مستوى حفظ السجلات .
اضافة الى دورها على مستوى تطوير الآداب وتسجيلها سواء الملاحم أو الشعر أو كتابة الصلوات والأغاني، وتسجيل القوانين.
ولقد عثر المنقبون على الآف النصوص المكتوبة باللغة المسمارية بما فيها رسائل شخصية ومكاتبات تجارية وقوانين وترانيم الصلوات وقصص ويوميات.
وكان يوجد من كل ذلك نسخا عديدة حيث كان المتدربون يعيدون نسخها للتدرب على الكتابة.
ومن أهم الأعمال الأدبية التي تركها السومريون “ملحمة جلجامش” التي كتبت بالمسمارية السومرية القياسية.
وتدور أحداثها حول أعمال الملك “جلجامش” ومغامراته الخيالية مع رفيقه “إنكيدو” وتعد هذه الملحمة أقدم أعمال الأدب الخيالي المعروفة للبشر.
العمارة السومرية
لقد كانت الأبنية السومرية مصنوعة من الطوب اللين، ولم يتم تثبيتها بالإسمنت، ولذا كانت هذه المنازل تنهار بسهولة ويتم بناء غيرها فى نفس المكان ما تسبب ذلك في رفع مستوى الأرض في تلك المناطق حتى أصبحت أعلى من السهول المحيطة بها.
وعلى الرغم من ندرة الأحجار في بلاد سومر إلا أنهم استخدموا ما لديهم في صناعة الأختام، ولقد بنوا البيوت والمعابد والأبراج والحصون.
البيت السومرى كان يشبه البرج وله باب يدور على مفصل ويفتح بمفتاح، وتمكن هؤلاء من بناء الأقواس ما جعلهم يبنون القباب وكانوا يدعمونها بدعامات وخاصة في القصور والمعابد.
الرياضيات
السومريين هم من ابتكروا علوم الجبر والهندسة ، وكتبوا جدول الضرب على الألواح الطينية .
اضافة الى أنه كان لديهم نظام معقد فى القياسات ، وتمكنوا من تحديد مساحة المثلث وحجم المكعب، وغيرها من القيم الحسابية والهندسية الهامة.
التعاملات المالية فى الحضارة السومرية
لقد تعامل السومريون بالفضّة والشعير وكانت الأسعار يتم تقييمها بأحد هاتين السلعتين، ولقد عرفوا نظام الائتمان التجاري والقروض ومولّوا الحملات التجارية.
وكان هناك بعض القروض الريفية التي تفرض على المزارعين نتيجة عدم تسديد ما عليهم من فروض للمعابد، ولكن كان الملوك يسقطون هذه الديون من حين إلى آخر.
الفنون
لقد كان السومريون مبدعون ويشهد على ذلك ما تركوه من أعمال فنيّة، حيث تتميز القطع السومرية بتفاصيل وزخارف مذهلة وكانت تطعّم بالأحجار الكريمة مثل اللازورد والديوريت واستخدموا أيضًا الذهب المطروق وكذلك الفضّة والنحاس والبرونز والأصداف.
ومن أجمل القطع الفنية التي تركتها الحضارة السومرية “قيثارة أور” التي كانت تعزف في وضع قائم ويعزفها العازف بكلتا يديه.
العقيدة فى الحضارة السومرية
كان شعب سومر متدينًا يؤمن بقدرة الألهة، ويتقي غضبها، وكان يعزي كل شئ إليهم، ولقد تأسس الدين السومري على أساطير أهمها ” قصة الخلق”.
قصة الخلق
يعتبر السومريون أن الكون نشأ من تزاوج الأضداد حيث تم الجمع بين الألهة من الذكور والإناث في زيجات مقدّسة “Hieros Gamos” .
وفي الحقبة الأكادية كان ينظر إلى الخلق على أنه اتحاد بين الماء العذب والماء المالح .
فكان الذكر “أبزو” والأنثى “تيامات” ، وحدث من هذا الاتحاد ظهور الجزرالموحلة الناتجة من التقاء الماء العذب مع الماء المالح عند مصب نهر الفرات، حيث كان النهر يودّع حمولته من الطمي قبل أن يصب في البحر فتظهر الجزر الطميية.
ايضا كان من الأزواج المقدسة الآخرى أنشار” و “كيشار” وهما محور السماء ومحور الأرض وكلاهما نشأ عن “أنو” أي السماء و “كي” أي الأرض ، ومن الزيجات المقدسة الآخرى زواج “نينهورساج” سيدة الجبال مع “إنكي” إله الماء العذب وأوجد هذا الزواج المراعي الخضراء.
وكانت مدينة “أريدو” مقر المعابد الرئيسية، وحلت محلها مدينة “نيبور” الواقعة وسط بلاد ما بين النهرين ومارس كهنتها الهيمنة السياسية على المدن المجاورة واحتفظ هؤلاء بالهيمنة طوال فترة الحضارة السومرية.
وبالإضافة إلى هؤلاء كان السومريون يؤمنون بالألهة المتجسدة في صورة بشرمن الملوك والكهنة، ولقد سجلوا معتقداتهم كتابة، وكانوا متقدمين في علم التنجيم.
كان “إنكي” هو إله الإحسان والحكمة والحاكم على أعماق الماء العذب، وكان صديقًا للبشر ومعالجًا لهم من الأمراض، وهو أصل العلوم والفنون والآداب والصناعة والحضارة.
أما “إنليل” فكان إله العاصفة والريح والمطر، وراعي مدينة “نيبور” ورفيقته “نينليل” إلهة ريح الجنوب. أما “إنانا” فكانت إلهة الحب والجنس والحرب وهي فينوس نجمة الصباح الشرقية والمساء الغربية.
وعن إله الشمس فكان يدعى “أوتو” بمدينة “لارسا” في الجنوب و”سيبار” في الشمال وهو ابن إله القمر.
وآمن السومريون بأن الآلهة قد خلقت البشر من طين من أجل خدمتهم ولذا كان على الناس العمل في المعابد بشكل جماعي وممارسة الزراعة والريّ حتى لا يدفعوا ضريبة من الفضّة في حالة امتناعهم عن الخدمة في المعبد.
علوم الكون
اضافة الى رؤيتهم بخصوص موضوع الآلهة المتجسدة فقد كانوا أيضا يعتقدون أن الأرض هي قرص محاط بقبّة وكانت الحياة الآخرة تعني لهم النزول إلى العالم السفلي حيث البؤس والظلام.
واعتبر هؤلاء ان الكون أربعة اجزاء هي:
سوبارتو: إلى الشمال وكانوا يداهمونها بشكل متكرر للحصول على العبيد والأخشاب والخامات.
مارتو: إلى الغرب وكان يعيش بها البدو الرحل الذين يعيشون على رعي الأغنام.
دلمون: إلى الجنوب وهي دولة تجارية وترتبط بأرض الخلق والموت.
العيلاميون: وهم شعب منافس للسومرييين وكانوا في حالة حرب معه.
كانت حدود الدولة السومرية تمتد من الخليج الفارسي إلى البحر الأبيض المتوسط، وإلى وادي السند ومنطقة ماجان “سلطنة عمان الأن”.
المعابد السومرية
وتعرف أيضًا باسم “الزقورات” وكان لكل معبد إسم ويتكون من ساحة أمامية وبركة مركزية للتطهر.
وداخل المعبد كان يوجد صحن مركزي يحيط به مجموعة من الممرات .
ويوجد بالممرات غرف الكهنة، وبالمعبد طاولة من الطين للذبائح والقرابين، التي كانت عبارة عن حيوانات ونباتات، وعلى مقربة من المعبد كانت توجد المخازن الملحقة بالمعبد.
المراسم الجنائزية
اعتقد السومريون أن الناس عندما تموت فإنها تحتجز في أرض موحشة مليئة بالوحوش والحراسات المشددة التي تمنع تنقلّهم.
وكان الناس يدفنون خارج المدينة في مقابر خاصة، ويدفن معهم بعض القرابين وكمية من الطعام.
أما الأثرياء فكانوا يدفنون في دلمون، وفي بعض المقابر تم العثورعلى قرابين بشرية كما في مقبرة أو الملكية حيث وجد في مقبرة الملكة “بوابي” قرابين من خدمها.
الأنوناكي The Anunnaki
هم مجموعة من ألهة السومريين والأكاديين والبابليين والأشوريين القدماء، وذكروا في أقدم الكتابات المسمارية التي تعود إلى حقبة ما قبل الأكادية .
والأنوناكي هم ضمن آلهة البانثيون “مجمّع الآلهة” وهم أحفاد “آن” و “كي” إله السماء وإلهة الأرض .
ووظيفة هؤلاء هي تقرير مصير البشر. وإسم أنوناكي مشتق من إسم إله السماء “آن”.
كان “إنليل” هو إله الهواء والإله الرئيسي للسومريين .
وقد ذكرأن السماء والأرض كانتا وحدة واحدة حتى ولد “إنليل” فشقهما وحمل الأرض بينما ذهب أبوه بالسماء بعيدًا.
وألهة الأنوناكي مذكورة في النصوص الأدبية والألواح لاسومرية ولا يوجد معابد خاصة لهم تدعم فكرة عبادتهم مجتمعين.
ويعتقد أن كل واحد منهم كان يعبد بشكل منفرد.
وهكذا كانت هذه الآلهة مجسمة ، ويعتقد أن لها قوّة هائلة غير محدودة وأن لهم أحجاما ضخمة.
كما اعتقد أنهم يرتدون ما يعرف باسم “الملام” وهي مادة تكسبهم قوة غامضة يرتدديها الملوك والأباطرة وحتى الشياطين.
وعندما يرى الإنسان هذه المادة فإنه يشعر بالقشعريرة والرهبة.
ولقد تم تصويرهؤلاء الآلهة وهم فى الجنه يرتدون قبعّات ذات قرون، وملابس مزخرفة بالذهب والفضة، وكانت تماثيلهم تعامل باهتمام بالغ من قبل الكهنة.
كما كانت تقام لهم الأعياد ليأكلوا من القرابين المقدمة . وكان للآلهة قوارب ضخمة تخّزن فى معابدهم ليمكن نقل تماثيلهم في الماء خلال المهرجانات الدينية.
اضافة الى أنهم كانت لهم مركبات تنقل تماثيلهم على البرّ، وكانت التماثيل تحمل إلى أرض المعركة ليشهد عليها الإله.
وكان ينظر إلى مجمّع آلهة الأنوناكي على أنهم النظام التشريعي الإلهي الذي يتخذ القرارات بشكل شبه ديمقراطي.
بينما أطلق السومريون إسم الأنوناكي على أكثر ألهتهم قوّة وهم: آن، وإنليل، وإنكي، ونينهورساج، ونانا، وأوتو، وإنانا.
وبالرغم من أنه قد جاء وصف هؤلاء في الأعمال الأدبية ، الا أنه لا توجد قائمة تجمعهم معًا ولقد تم التغني بهم في الترانيم التي تقال في الصلوات.
ومن هذه الترانيم
“التقديس يولد النعمة، والتضحية تطيل الحياة، والصلاة تكفر عن الذنب. من يخشى الآلهة لا يهينه أحد، من يخشى الأنوناكي يطول عمره.”
وكان كل إله من الأنوناكي بمثابة راعي لأحد المدن السومرية ويحمي مصالحها، ويقيم في معبد المدينة.
اذ كان لمدينة “إريدو” مثلا حوالى خمسين أنوناكي ، أما العالم السفلي فقد كان يحكمه سبعة فقط منهم ويعملون كقضاة.
ولقد تمت محاكمة “إنانا” على أيدي هؤلاء القضاة ، وأدينت بتهمة الغطرسة لمحاولتها السيطرة على العالم السفلي وأعدمت.
هذا وقد ارتبطت الأنوناكي بالأجرام السماوية فكانت إنانا مرتبطة بكوكب الزهرة، وأوتو بالشمس، ونانا بالقمر.
أما آن فارتبط بكل النجوم في السماء الاستوائية، وإنليل بنجوم السماء الشمالية وإنكي بنجوم السماء الجنوبية.
نظرية المؤامرة المتعلقة بالحضارة السومرية
نشير هنا الى ما ذكره عالم الآثار إريك دانكن السويسري الأصل عام 1968 ضمن سلسلة من الكتب أولها “عربات الألهة”.
حيث ذكرأن الأنوناكي هم كائنات فضائية هبطت من كواكب آخرى على الأرض وأن الأديان جاءت كرد فعل على هذا الغزو.
ولعل كتاب “الكوكب الثاني عشر” لمؤلقه الأمريكي الروسي زكريا ستشن بؤكد هذا ، وأن جنسا متقدما عن البشر قد زار الأرض من كوكب “نبيرو” .
هذا الكوكب الذى اكتشف أنه موجود من حوالي 500 ألف سنة وأن هؤلاء أقاموا قاعدة لاستكشاف الذهب.
أضاف ستشن أن الأنوناكي هجّنوا أنفسهم مع البشر بطريق الإخصاب الصناعي من أجل خلق بشر مستعبدين يعملون لأجلهم في مناجم الذهب.
وأن هؤلاء اضطروا للهروب من الأرض بعد ذوبان الأنهار الجليدية في القطب الجنوبي وحدوث طوفان عظيم تسبب في إحداث دمار كبير.
كما ذكر ستشن ان هؤلاءهم من قاموا ببناء الأهرامات المصرية وجميع الأبنية الآثرية الآخرى المستحيل بناؤها بدون تقنيات متقدمة.
كما تنبأ ستشن فى كتابه المعروف باسم “في نهاية الأيام: هرمجدون ونبوءة العودة”.
الكتاب نشر عام 2007 وذكر فيه أن الأنوناكي سيعودون إلى الأرض ربما في عام 2012 الموافق لنهاية تقويم المايا.
واعتبر المؤرخون أن ما جاء به ستشن هو علم زائف وأنه يحرف النصوص السومرية عن مسارها.
———————————————–
المراجع :
https://en.m.wikipedia.org/wiki/Anunnaki
https://www.history.com/topics/ancient-middle-east/sumer
http://kitabat.biz/print.php?id=9334