بداية المملكة النباتية
بدأت الصورة الأولىة للحياة على الأرض منذ 3.5 مليار سنة، على الرغم من الأرض يقدر عمرها بحوالي 4.543 مليار سنة، أما تطور النباتات بصورها المزدهرة فلم يظهر إلا منذ نحو 470 مليون سنة فقط، وتمكنت المملكة النباتية من الصمود أمام التحديات التي واجهت الكائنات الأخرى على الأرض، فحتى في فترة الانقراض الجماعي التي تسببت في اختفاء الكثير من أنواع الحيوانات البريّة، لم تتأثر سوى أعداد قليلة من النباتات بهذه الكارثة.
تكاثرالخلية النباتية
ويرجع العلماء ذلك إلى أن الخلية النباتية وهى البداية فى تطور النباتات لها قدرة كاملة على الاحتفاظ بالحياة واستمراريتها، فهي تتكاثرلا جنسيًا، مع تمتعها بأكثرمن زوج من الكروموسومات “الصبغيات الوراثية” التي ينقلها الأباء للأبناء، ما يسمح لها بالتنوّع والتطور بشكل أسرع من باقي الكائنات. ولذلك وعلى الرغم من أن النباتات ظهرت في وقت متأخر نسبيًا على الأرض مقارنة بغيرها من الكائنات، إلا أنها تمكنت من التكيف والتكاثر والانتشار إلى كل جزء منها بأكثر مما فعل أي كائن حي آخر.
ويمكننا تتبع رحلة تطورللنباتات بواسطة العائلات المحددة التي تنتمى البها.
الطحالب Bryophytes 480 مليون سنة مضت
تعد الطحالب نوع من النباتات البريّة الغير وعائية، وتضم هذه الفئة الأشنات mosses والحزازيات المنبطحة liverworts وفصيلة نخشوش الحوت hornworts وتتكون من 20 ألف نوع. وعلى الرغم من الاختلافات الكبيرة فيما بين هذه الأنواع إلا أن هناك سمات تجمع بينهم تكفي لجمعهم تحت نفس العائلة.د
وهناك معتقد خاطئ بأن الطحالب لكى تنمو وتنتشر يجب أن تعيش في وسط رطب ومظلم، إلا أن ذلك غير دقيق بالمرة حيث يمكن العثورعلى الطحالب في أي وقت من أوقات السنة وعلى ارتفاعات مختلفة، وهي ليست انتقائية عندما يتعلّق الأمر بالسطح الذي تنمو عليه، فهي تنمو على جذوع الشجاروعلى الصخوروالتربة، والجلد والعظام وحتى الجلود المدبوغة ، وذلك على سبيل المثال لا الحصر.
وللطحالب تكوينات أشبه بجذور النباتات، وهي لا تمتص الماء والغذاء من السطح الذي تنمو عليه، ويمكن للطحالب أن تتكاثر جنسيًا ولاجنسيًا، وتنتج بكبسولات الأبواغ “الجراثيم” التي يتم نقلها للتلقيح بعد ذلك بواسطة الرياح.
الطحالب تحافظ على التربة
وللطحالب دور هام في الحفاظ على التربة، حيث أن البطانة السميكة من الطحالب تثبّت التربة، وتحفظها من التآكل وهي فعّالة في السيطرة على الفيضانات وذلك لأنها تمتص الماء بسرعة، وهناك ما يقرب من 15150 نوع من الطحالب المعروفة للبشر في الوقت الحالي، وكانت هناك قديمًا طحالب خضراء تعرف باسم كاروفايتس Charophytes ذات خلايا متعددة، يعتبرها العلماء أسلاف الطحالب الموجودة حاليًا.
الثيروفايتس Therophytes منذ 400 مليون سنة
بعكس الطحالب، تمتلك الثيروفايتس أنسجة وعائية، أي أن لديها أوعية خشب وأوعية لحاء، ويساعد الخشب في نقل الماء والغذاء من التربة إلى سيقان وأوراق النبات، كما يساعد اللحاء على توزيع العناصر الغذائية العضوية والماء والسكر على أجزاء النبات المختلفة، وهذه النباتات الوعائية التى تمثل مرحلة مهمه فى تطور النباتات خالية من البذور ولا تنتج الأزهار، ولكنها تتكاثر من خلال تكوين الجراثيم حيث تقوم بصنع تكوين يعرف بالطور البوغي، ويتم إنتاج هذه الأبواغ من خلال التكاثر اللاجنسي، أو الانقسام الميتوسي الذي تنقسم فيه أعداد الكرموسومات للنصف، ولهذا النوع من النباتات جذور وسيقان وأوراق.
ومن هذه النباتات الليكوفايتس lycophytes – حليفة السراخس – مثل نبات ذيل الحصان ونبات الخنشار ورجل الذئب وكويلوورت، وأغلب أنواع نباتات اللايكوبودس تكون متجانسة فيما يخص حجم الجراثيم الذكرية والأنثوية إلا أنها قد تتباين في بعض الأحيان فتكون الجراثيم الذكرية أصغر حجمًا.
عاريات البذور Gymnsoperms منذ 390 مليون سنة
تعني كلمة Gymnos عارية وكلمة Sperma بذور أي أن هذا النوع من النباتات يعرف باسم “عاريات البذور” ويعرف أيضًا باسم Gymnsoperms وهي عبارة عن مجموعة من النباتات الوعائية المنتجة للبذور، وتبقى بذور هذه النباتات في مخاريط غير مرئية وحتى تمام النضج، وعاريات البذور بوجه عام هي نباتات خشبية، ويوجد منها أنواع قليلة للغاية عبارة عن نباتات متسلقة، وتعرف باسم زيروفيت ولقد تطورت لتلائم البيئة الجافة بشكل كبير فيمكنها النمو على الأسطح المائلة.
وهي من النباتات البوغية في الطبيعة ما يعني أن خلاياها تتواجد في مرحلة ثنائية الصبغيات متعددة الخلايا، وتحتوي هذه النباتات على اللجنين وهو نوع من البوليمر العضوي يساعد على تكوين جدار الخلية، وهو ما يبقي اللحاء والخشب متماسكًا، وأطول عاريات البذور هي السيكويا، بينما تظهر حفريات نبات الجنكة التي تم العثور عليها أنها أقدم الأشجار الحيّة حيث يعود تاريخها إلى ما يناهز 245 مليون سنة. يتم تلقيح هذه النباتات بمساعدة الرياح، ومن أمثلة النباتات عارية البذور الصنوبريات ونبات العرعر والسيكايت والتنّوب.
كاسيات البذور Angiosperms قبل 200 مليون سنة
تعتبر كاسيات البذور احدى اشكال تطور النباتات فى الحقب الحديثة نسبيا فى التاريخ .
وهي عبارة عن نباتات بذرية، اذ تحمل بذورها وتنتج الأزهار، ويتم تغليف البذور في كاسيات البذور داخل مبيض الزهرة ، وتعد كاسيات البذورالمجموعة الأكبر والأكثر تنوّعًا في المملكة النباتية، وهناك ما يقرب من 250 ألف – 300 ألف نوع معروف للبشر في الوقت الحالي.
إن جمال الأزهار ببتلاتها ذات الألوان الزاهية لا يقتصر فقط على المظهر الرائع، ولكنها تقوم بوظيفة هامة أيضًا حيث أن هذه الألوان الزاهية تجتذب النحل والطيور لتسهيل عملية التلقيح فهي لا تعتمد مثل عاريات البذور على الرياح وحدها لاستكمال عملية التلقيح، ولأنها تجتذب أنواع مختلفة من الطيور والحشرات وحتى الخفافيش لتساعدها في عملية التلقيح، تمكنت من الانتشار والنمو بسرعة أكبر.
تكوين بديع
تحتوي البتلات في بعض الأحيان على خطوط لا يراها إلا الطيور والحشرات، تعمل مثل مدرج إرشادي لهم، وتحتوي الزهرة على أعضاء تكاثر ذكرية تعرف باسم “السداة” وأعضاء تكاثر أنثوية تعرف باسم “المتاع”، وعادة ما تتراص السداة في مستوى أعلى من متاع الزهرة، ولذلك عندما تسقط حبوب اللقاح تصل إلى المتاع ويتم الإخصاب ذاتيًا على الرغم من أن النبات يفضل التلقيح المتبادل مع نبات أخر من نوعه ليتم التطوّر الجيني.
ويسمى الجزء العلوي من متاع الزهرة باسم الجُريب، وهو عادة ما يكون لزجًا بحيث يمكن للبذور أن تلتصق به من أجل التكاثر، ومن أمثله كاسيات البذور بساتين الفاكهة مثل التفاح والكرز، وكذلك الأرز والبروكلي والزنابق والقمح والخس والورد، على سبيل المثال لا الحصر. ويرجع تطور كاسيات البذور وسيطرتها على العالم بتنوعها الهائل إلى استخدامها الذكي للتلقيح والتكاثر الذاتي.
المزيد حول تطور النباتات فى هذا الرابط