ولد “جادادهار تشاتوباديايا ” 16 أغسطس عام 1886، وعرف في وقت لاحق باسم شرى راما كريشنا صاحب حركة “راما كريشنا “.
وكانت أسرته من طائفة ” البراهمان ” وهي أعلى طبقة هندوسية في الكهنوت .
كانت أسرته فقيرة ومتدينة وتقطن منطقة فى غرب البنغال، ويقال بحسب الرواية أن والديه “خوديرام تشاتوبادياي” وتشاندراماني ديفي” قد شهدا أمورًا خارقة وتمكنوا من رؤية أطياف قبل ولادة إبنهما.
وقيل أيضًا أن والده قد حظي بزيارة من المعلم جادادهارا الذى يعتقد أنه تجسد للأله “فيشنو وقال له أنه سيولد لديه في صورة إبن.
وكان والداه من أتباع الاله ” راما” المخلصين، ولذلك سميا كل أولادهم تسمية تبدأ برام.
بعد وفاة الإبن الأكبر رامكومار المسؤول عن الأسرة كان عليه أن يتولى هو زمام المسؤولية وأن يكسب لقمة العيش، ولذلك قرر أن يغادر المنزل ويسافر إلى مدينة كلكتا ، وكان يتولى مسؤولية أداء العبادات الخاصة باسرته بدقة.
في سن الثالثة والعشرين تزوج راماكريشنا من طفلة في الخامسة من العمر تدعى ” ساراداموني” . لم يكن زواج الأطفال مجرّمًا في ذلك الوقت لكنهما بقيا في منزلين منفصلين حتى بلغت زوجته سن الثامنة عشرة.
ثم انضمت لاحقًا إلى زوجها في معبد داكشينوشوار كالي ، وفي ذلك الوقت عرضت عليه راني ” رشموني” ملكة مقاطعة جانبازارأن يعمل في وظيفة كاهن بالمعبد الذي بنته في عام 1855 بعد وفاة شقيقه ” رامكومار” حيث أصبح هو الكاهن الرئيسي للمعبد.
رحلة شرى راما كريشنا الروحية
كان شري راماكريشنا رجلًأ متدينًا ومتحمسًا لآخر لحظة في حياته.
وسعى جاهدًا لإذكاء روح التدين لديه والتشبع بالروحانيات من خلال أدوات وطقوس العبادات المختلفة.
كما كان يدرس تحت إشراف معلمين مختلفين ويستوعب كل ما لديهم وما يمكنهم تقديمه له ، وكان منفتحًا على الأفكار الدينية والروحية والفلسفية الجديدة التي بدت له في الآفاق .
تمارين وممارسات روحية
من الممارسات التي تعلمها ” كوندالينى يوجا و” تانترا سادانا وهي ممارسات تساعد على التحررمن التعلق بالرغبات المادية والتحول نحو الروحية.
يوجد 64 مستوى من مستويات التمارين الروحية المعروفة باسم ” سادانا ” Sadhana تمكن شري راماكريشنا من أدائها جميعًا حتى اكثرها صعوبة .
إضافة إلى أنه تلقى التعاليم الروحية هو وزوجته من المعلم ” بيرافي براهماني” Bhairavi Brahmani ومارس العقيدة “الفيشنوية ” باشراف معلمه ” جاتاداري” Jatadhari .
هذه العقيدة التى يؤمن ممارسوها بكل التجسدات البشرية للأله ” فيشنو ” مثل : ماتسيا، وناراسيمها، وراما، وكريشنا وغيرهم .
في عام 1865 إرتقى إلى مرحلة ” سانياس” Sanyaas التي يتخلى فيها الإنسان عن التعلق بالرغبات الدنيوية من أجل الأرتقاء الروحى .
ووفقًا لمعتقد سانياس Sanyaas فى المعتقد الهندوسى يتم تقسيم حياة الإنسان إلى أربعة مراحل:
- مرحلة الحياة الطلابية Brahmacharya
- مرحلة الحياة الزوجية Grihastha
- مرحلة ترك متع الحياه والعيش فى الطبيعة أو الغابات Vanaprastha
- مرحلة سانياس Sannyaas وهى التخلي بالكلية عن التعلق بالرغبات الدنيوية .
وفي سنوات حياته اللاحقة ، درس الديانة الإسلامية ، وأيضا الديانة المسيحية، بعدما تعرّف على الإنجيل من خلال أحد أتباعه.
تعاليم راما كريشنا
كان راماكريشنا يتمتع بالبساطة والتواضع ، وقد تقبل الله وآمن به في كافة الصوروالأشكال وكان يجيب تلاميذه على أسئلتهم الفلسفية المعقدة عن الله والحياة بطريقة سهلة وبسيطة.
ولقد جمع تلميذه ” ماهيندراناث جوبتا ” Mahendranath Gupta هذه المحادثات ووثقها في كتاب تحت إسم “سري راماكريشنا رحيق الكلمات”.
وتُرجم هذا الكتاب في وقت لاحق بواسطة” سوامي نيخيليناندا بمساعدة ” مارجريت وودرو ويلسون ” وكتب مقدمة النسخة المترجمة ” ألدوس هيكسلي” Aldous Huxley الكاتب الإنجليزي المعروف.
وسمي الكتاب لاحقًا باسم ” إنجيل سري راماكريشنا ” وتم التصويت عليه باعتباره أهم الكتب الروحية في القرن العشرين.
لقد كان راما كريشنا انسانا سابقا لعصره ، يأكل طعام الفقراء من تلاميذه عندما كانت الطبقية في أوجها بالهند للتأكيد على أن البشرسواسية وأن على الجميع أن يشعروا بالحب والمساواة ، وكل أفعاله كانت نابعة من الحب.
فيما يلي بعض تعاليم ما أطلق عليه ” إنجيل سري راماكريشنا ” ( اى الكتاب المقدس )
- إن أهم هدف في الحياة هو معرفة الله ، والعقبة الوحيدة أمام ذلك هي “المرأة والمال ” فهما ما يمنعان الإنسان عن الوصول الى الله.
- ينبغي علي البشر القيام بجميع الواجبات الدنيوية ، وأن يبقى الإله معهم في كل حين ، فليس عليهم إهمال واجباتهم الدنيوية بل يؤدونها بمحبة ، وأن يتذكروا دائمًا أنه لا شئ أكثر أهمية في هذا العالم من الله.
- لقد آمن بأن التأمل يقرّبه من الله وهذا ما علّمه لأتباعه أيضًا ، ومن ثم، كان يذهب إلى الغابة المجاورة ويتأمل ويعتزل، بعد يوم شاق من العمل .
- علّم اتباعه أن المداومة على زيارة الحكماء والمعلمين والمتدينين تجعلهم أقرب الى الله فكثيرًا ما تشغلنا واجباتنا الدنيوية عن علاقتنا بالله ، وهذه الزيارات تساعد على النضج الروحي وتقربنا من طريق الإله.
- كان يشجّع تلاميذه على الترّنم باسم الله وبحمده وبأمجاده فهذا ينسجم مع الروح، ويقربنا من الله ، ويغسل الخطايا ، ويساعد على بلوغ الألوهية.
أشهر اقتباسات سري راما كريشنا
“يمكن لرجل أن يقرأ الكتاب المقدس “بهاجافات جيتا” على ضوء المصباح ويمكن لآخر أن يمارس التزوير باستخدام نفس الضوء. لكن المصباح لم يتأثر. تسلّط الشمس نورها على الأشرار كما تسّلط نورها على الأخيار.”
“المعتقدات المختلفة ليست سوى طرق مختلفة للوصول إلى الله. “
“ماء المطر لا يبقى على الأرض المرتفعة وإنما يهبط إلى أدنى منسوب.
وكذلك رحمة الله تبقى في قلوب المتواضعين ، ولكنها تنضب من أولئك الذين لا قيمة لهم ومن المستكبرين.”
“إذا كان لابد أن تصاب بالجنون ، فلا تجعل ذلك بسبب الأمور الدنيوية بل كن مجنونًا بمحبة الله.”
المراحل الأخيرة
في المراحل الآخيرة من حياته تم الاعتناء به من قبل تلاميذه وأتباعه بما فيهم ” سوامي فيفكاناندا ” Swami Vivkananda الذي لم يواصل تعليم كلمات سري راماكريشنا واتّباعها فحسب ، بل تجاوز ذلك حيث غادرجسده الفيزيقى بقرار واع أو ما يعرف بحالة ” الماها سامادى ” mahasamadhi
في عام 1885 مرض راما كريشنا وتم تشخيص إصابته بسرطان الحلق، وفي 16 أغسطس 1886 توفي متأثرا بمرضه.
وبذلك انتهت حياته الفيزيقية لكنها استمرت من خلال منظمه ” Ramakrishna Mission تكريما له.
وهي تقدم للآن نشاطا خيريا مزدهرا ، ومن ذلك الخدمات التعليمية التي استفاد منها آلاف الأطفال، وخدمات الإغاثة والخدمات الطبية.
—————————————-
المصادر: